الباحث القرآني

ولَمّا هَدَّدَهم بِإشْراكِهِمُ المُسْتَلْزِمِ لِكُفْرِ النِّعْمَةِ؛ أتْبَعَهُ عَجَبًا آخَرَ مِن أمْرِهِمْ؛ فَقالَ - عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وأقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ﴾ [النحل: ٣٨] -: (p-١٨٢)﴿ويَجْعَلُونَ﴾؛ أيْ: عَلى سَبِيلِ التَّكْرِيرِ؛ ﴿لِما لا يَعْلَمُونَ﴾؛ مِمّا يَعْبُدُونَهُ مِنَ الأصْنامِ؛ وغَيْرِها؛ لِكَوْنِهِ في حَيِّزِ العَدَمِ في نَفْسِهِ؛ وعَدَمًا مَحْضًا بِما وصَفُوهُ بِهِ - كَما قالَ (تَعالى): ﴿أمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ﴾ [الرعد: ٣٣] -؛ ﴿نَصِيبًا مِمّا رَزَقْناهُمْ﴾؛ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ مِنَ الحَرْثِ؛ والأنْعامِ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ؛ تَقَرُّبًا إلَيْها؛ كَما مَضى شَرْحُهُ في ”الأنْعامِ“؛ ولَكَ أنْ تَعْطِفَهُ - وهو أقْرَبُ - عَلى ”يُشْرِكُونَ“؛ فَيَكُونَ داخِلًا في حَيِّزِ ”إذا“؛ أيْ: فاجَؤُوا مُقابَلَةَ نِعْمَتِهِ في الإنْجاءِ بِالإشْراكِ؛ والتَّقَرُّبِ بِرِزْقِهِ إلى ما الجَهْلُ بِهِ خَيْرٌ مِنَ العِلْمِ بِهِ؛ لِأنَّهُ عَدَمٌ؛ لِأنَّهُ لا قُدْرَةَ لَهُ؛ ولا نَفْعَ في المَقامِ الَّذِي أقامُوهُ فِيهِ؛ ثُمَّ التَفَتَ إلَيْهِمُ التِفاتًا مُؤْذِنًا بِما يُسْتَحَقُّ عَلى هَذا الفِعْلِ مِنَ الغَضَبِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿تاللَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الأعْظَمِ؛ ﴿لَتُسْألُنَّ﴾؛ يَوْمَ الجَمْعِ؛ ﴿عَمّا كُنْتُمْ﴾؛ أيْ: كَوْنًا هو في جِبِلّاتِكُمْ؛ ﴿تَفْتَرُونَ﴾؛ أيْ: تَتَعَمَّدُونَ في الدُّنْيا مِن هَذا الكَذِبِ؛ سُؤالَ تَوْبِيخٍ؛ وهو الَّذِي لا جَوابَ لِصاحِبِهِ إلّا بِما فِيهِ فَضِيحَتُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب