الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ رُسُلُ المُلُوكِ تَقْتَرِنُ بِما يُعَرِّفُ بِصِدْقِهِمْ؛ قالَ - جَوابًا لِمَن كَأنَّهُ قالَ: بِأيِّ دَلالَةٍ أُرْسِلُوا؟ -: ﴿بِالبَيِّناتِ﴾؛ المُعَرِّفَةِ بِصِدْقِهِمْ؛ (p-١٦٨)﴿والزُّبُرِ﴾؛ أيْ: الكُتُبِ الهادِيَةِ إلى أوامِرِ مُرْسِلِهِمْ. ولَمّا كانَ القُرْآنُ أعْظَمَ الأدِلَّةِ؛ أشارَ إلى ذَلِكَ بِذِكْرِهِ؛ مَدْلُولًا عَلى غَيْرِهِ مِنَ المُعْجِزاتِ؛ بِواوِ العَطْفِ؛ فَقالَ - عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: ”وكَذَلِكَ أرْسَلْناكَ بِالمُعْجِزاتِ الباهِراتِ“ -: ﴿وأنْـزَلْنا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ﴿إلَيْكَ﴾؛ أيْ: وأنْتَ أشْرَفُ الخَلْقِ؛ ﴿الذِّكْرَ﴾؛ أيْ: الكِتابَ المُوجِبَ لِلذِّكْرِ؛ المُعْلِيَ لِلْقَدْرِ؛ المُوصِلَ إلى مَنازِلِ الشَّرَفِ؛ ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ﴾؛ كافَّةً؛ بِما أعْطاكَ اللَّهُ مِنَ الفَهْمِ؛ الَّذِي فُقْتَ فِيهِ جَمِيعَ الخَلْقِ؛ واللِّسانِ الَّذِي هو أعْظَمُ الألْسِنَةِ؛ وأفْصَحُها؛ وقَدْ أوْصَلَكَ اللَّهُ فِيهِ إلى رُتْبَةٍ لَمْ يَصِلْ إلَيْها أحَدٌ؛ ﴿ما نُـزِّلَ﴾؛ أيْ: وقَعَ تَنْزِيلُهُ ﴿إلَيْهِمْ﴾؛ مِن هَذا الشَّرْعِ الحادِي إلى سَعادَةِ الدّارَيْنِ؛ بِتَبْيِينِ المُجْمَلِ؛ وشَرْحِ ما أُشْكِلَ؛ مِن عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ؛ الَّذِي رَأْسُهُ التَّوْحِيدُ؛ ومِنَ البَعْثِ؛ وغَيْرِهِ؛ وهو شامِلٌ لِبَيانِ الكُتُبِ القَدِيمَةِ لِأهْلِها؛ لِيَدُلَّهم عَلى ما نُسِخَ؛ وعَلى ما بَدَّلُوهُ فَمُسِخَ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”لَعَلَّهم بِحُسْنِ بَيانِكَ يَعْمَلُونَ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ - بَيانًا (p-١٦٩)لِشَرَفِ العِلْمِ - قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿ولَعَلَّهم يَتَفَكَّرُونَ﴾؛ إذا نَظَرُوا أسالِيبَهُ الفائِقَةَ؛ ومَعانِيَهُ العالِيَةَ الرّائِقَةَ؛ فَيَصِلُوا بِالفِكْرِ فِيهِ - بِسَبَبِ ما فَتَحْتُ لَهم مِن أبْوابِ البَيانِ - إلى حالاتِ المَلائِكَةِ؛ بِأنْ تَغْلِبَ أرْواحُهم عَلى أشْباحِهِمْ؛ فَيَعْلَمُوا أنَّهُ (تَعالى) واحِدٌ؛ قادِرٌ؛ فاعِلٌ بِالِاخْتِيارِ؛ وأنَّهُ يُقِيمُ النّاسَ لِلْجَزاءِ؛ فَيُطِيعُونَهُ رَغْبَةً ورَهْبَةً؛ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ شَرَفَيِ الطّاعَةِ الدّاعِيَةِ إلَيْها الأرْواحُ؛ والِانْكِفافِ عَنِ المَعْصِيَةِ؛ الدّاعِيَةِ إلَيْها النُّفُوسُ بِواسِطَةِ الأشْباحِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب