الباحث القرآني
ولَمّا تَمَّ ما هو عَجَبٌ مِن مَقالِهِمْ؛ ومَآلِهِمْ؛ في سُوءِ أحْوالِهِمْ؛ وخَتَمَ بِتَهْدِيدِهِمْ؛ عَطَفَ عَلى قَوْلِهِ: ”وإذا قِيلَ لَهم ماذا أنْزَلَ رَبُّكُمْ“؛ مُوجِبًا آخَرَ لِلتَّهْدِيدِ؛ مُعَجِّبًا مِن حالِهِمْ فِيهِ؛ فَقالَ: ﴿وقالَ الَّذِينَ أشْرَكُوا﴾؛ أيْ: الرّاسِخُ مِنهم في هَذا الوَصْفِ؛ والتّابِعُ لَهُ؛ عَلى سَبِيلِ الِاعْتِراضِ عَلى مَن يَدْعُوهم إلى التَّوْحِيدِ؛ مِن نَبِيٍّ؛ وغَيْرِهِ؛ مُحْتَجِّينَ بِالقَدَرِ؛ عِنادًا مِنهُمْ؛ ومُعْتَرِضِينَ عَلى مَن لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ؛ بِأنَّهُ - لِقُدْرَتِهِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ - (p-١٥٤)غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى بَعْثِ الرُّسُلِ؛ فَإرْسالُهم عَبَثٌ - تَعالى اللَّهُ الحَكِيمُ عَنْ قَوْلِهِمْ؛ فَهو قَوْلُ مَن يَطْلُبُ العِلَّةَ في أحْكامِهِ (تَعالى)؛ وفي أفْعالِهِ -؛ وهو قَوْلٌ باطِلٌ؛ لِأنَّهُ - سُبْحانَهُ - الفَعّالُ لِما يُرِيدُ؛ سَواءٌ أطَلَعَ العِبادَ عَلى حِكْمَتِهِ؛ أمْ لا: ﴿لَوْ شاءَ اللَّهُ﴾؛ أيْ: المَلِكُ الأعْظَمُ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا؛ عَدَمَ عِبادَتِنا لِغَيْرِهِ؛ ﴿ما عَبَدْنا﴾؛ ولَمّا كانَتِ الرُّتَبُ كُلُّها مُتَقاصِرَةً عَنْ رُتْبَتِهِ؛ وكانَتْ مُتَفاوِتَةً؛ وكانَ ما يَعْبُدُونَهُ مِنَ الأصْنامِ في أدْناها رُتْبَةً؛ أدْخَلُوا الجارَّ؛ فَقالُوا: ﴿مِن دُونِهِ﴾؛ وأعْرَقُوا في النَّفْيِ؛ فَقالُوا: ﴿مِن شَيْءٍ﴾؛ أيْ: مِنَ الأشْياءِ؛ ﴿نَحْنُ ولا آباؤُنا﴾؛ مِن قَبْلِنا؛ ولَمّا ذَكَرُوا الأصْلَ؛ أتْبَعُوهُ الفَرْعَ فَقالُوا: ﴿ولا حَرَّمْنا﴾؛ أيْ: عَلى أنْفُسِنا؛ ﴿مِن دُونِهِ﴾؛ أيْ: دُونَ أمْرِهِ؛ ﴿مِن شَيْءٍ﴾؛ لِأنَّ ما يَشاءُ لا يَتَخَلَّفُ؛ عَلى زَعْمِكُمْ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَشَإ العَدَمَ؛ فَقَدْ شاءَ وُجُودَ ما نَحْنُ عَلَيْهِ؛ فَنَحْنُ نَتَّبِعُ ما شاءَهُ؛ لا نَتَغَيَّرُ عَنْهُ؛ لِأنَّهُ لا يَشاءُ إلّا ما هو حَقٌّ؛ وضَلَّ عَنِ الأشْقِياءِ - بِكَلِمَتِهِمْ هَذِهِ؛ الحَقِّ الَّتِي أرادُوا بِها الباطِلَ - أنَّ مَدارَ السَّعادَةِ؛ والشَّقاوَةِ؛ إنَّما هو مُوافَقَةُ الأمْرِ؛ لا مُوافَقَةُ الإرادَةِ؛ فَما كانَ مِنَ الفِعْلِ؛ والكَفِّ؛ عَلى وفْقِ الأمْرِ؛ سُعِدَ فاعِلُهُ؛ وما خالَفَهُ قامَتْ بِهِ الحُجَّةُ عَلى فاعِلِهِ؛ عَلى (p-١٥٥)ما جَرَتْ بِهِ عَوائِدُ النّاسِ؛ فَشُقِيَ.
فَلَمّا انْتَهَكَ سِتْرُ هَذِهِ المَقالَةِ المُمَوَّهَةِ؛ وكانَ كَأنَّهُ قِيلَ - اسْتِبْعادًا لَها -: هَلْ قالَها غَيْرُهُمْ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ؛ ﴿كَذَلِكَ﴾؛ أيْ: مِثْلَ هَذا البَعِيدِ مِنَ السَّدادِ؛ والقَوْلِ الخارِجِ عَنِ الهِدايَةِ؛ والرَّشادِ؛ وهو الِاعْتِراضُ عَلى رَبِّهِمْ في إرْسالِ الرُّسُلِ؛ مانِعِينَ لِجَوازِ الإرْسالِ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ الضَّعِيفَةِ؛ فَإنَّهُ (تَعالى) يُرِيدُ إظْهارَ ثَمَرَةِ المُلْكِ بِالحُكْمِ؛ عَلى ما يَتَعارَفُهُ العِبادُ؛ مِن إقامَةِ الحُجَّةِ بِالأفْعالِ الِاخْتِيارِيَّةِ؛ وإنْ كانَتْ بِقَضائِهِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ مَسْتُورٌ عَنِ العِبادِ؛ ﴿فَعَلَ﴾؛ أيْ: كَذَّبَ بِدَلِيلِ الإنْعامِ؛ ﴿الَّذِينَ﴾؛ ودَلَّ عَلى عَدَمِ الِاسْتِغْراقِ لِلزَّمانِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾؛ وكانَ تَكْذِيبًا؛ لِأنَّ قَوْلَهُمُ اقْتَضى أنْ يَكُونَ ما هم عَلَيْهِ مِمّا يَرْضاهُ اللَّهُ؛ والرُّسُلُ يَقُولُونَ: لا يَرْضاهُ؛ ولا يَرْضى إلّا ما أُخْبِرُوا بِأنَّ صاحِبَهُ مُثابٌ عَلَيْهِ؛ أوْ غَيْرُ مُعاقَبٍ؛ فَكانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْإنْكارِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ﴾؛ أيْ: فَما؛ ﴿عَلى الرُّسُلِ﴾؛ أيْ: الَّذِينَ لا رُسُلَ في الحَقِيقَةِ غَيْرُهُمْ؛ وهُمُ الَّذِينَ أرْسَلَهُمُ اللَّهُ لِدُعاءِ العِبادِ؛ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ؛ ولَمّا كانَ الِاسْتِفْهامُ (p-١٥٦)بِمَعْنى النَّفْيِ - كَما تَقَدَّمَ -؛ إلّا أنَّهُ صُوِّرَ بِصُورَتِهِ؛ لِيَكُونَ كَدَعْوى الشَّيْءِ بِدَلِيلِها؛ فَقالَ: ﴿إلا البَلاغُ المُبِينُ﴾؛ وقَدْ بَلَّغُوكُمْ؛ وأوْضَحُوا لَكُمْ؛ فَصارَ وبالُ العِصْيانِ خاصًّا بِكم.
{"ayah":"وَقَالَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲ نَّحۡنُ وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲۚ كَذَ ٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَـٰغُ ٱلۡمُبِینُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق