الباحث القرآني
ولَمّا دَلَّ عَلى قُدْرَتِهِ واخْتِيارِهِ - سُبْحانَهُ - دَلالَةً عَلى القُدْرَةِ عَلى كُلِّ ما أخْبَرَ بِهِ؛ لا سِيَّما السّاعَةَ؛ بِخَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ؛ الَّذِي هو أكْبَرُ (p-١٢٤)مِن خَلْقِ النّاسِ؛ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ ما في المَكْشُوفِ مِنَ الأرْضِ؛ المُحِيطَ بِهِ الهَواءُ؛ مِنَ التَّفاوُتِ الدّالِّ عَلى تَفَرُّدِ الصّانِعِ؛ واخْتِيارِهِ؛ وخَتَمَهُ بِاللَّوْنِ؛ أتْبَعَ ذَلِكَ بِالمَغْمُورِ بِالماءِ؛ الَّذِي لا لَوْنَ لَهُ في الحَقِيقَةِ؛ إشارَةً إلى أنَّهُ ضِمْنَهُ - مِنَ المَنافِعِ والحَيَواناتِ؛ الَّتِي لَها مِنَ المَقادِيرِ؛ والكَيْفِيّاتِ؛ والأشْكالِ؛ والألْوانِ البَدِيعَةِ التَّخْطِيطِ؛ الغَرِيبَةِ الصِّباغِ - ما هو أدَلُّ مِن ذَلِكَ؛ فَقالَ: ﴿وهُوَ﴾؛ أيْ: لا غَيْرُهُ؛ ﴿الَّذِي سَخَّرَ البَحْرَ﴾؛ أيْ: ذَلَّلَهُ؛ وهَيَّأهُ لِعَيْشِ ما فِيهِ مِنَ الحَيَوانِ؛ وتَكَوُّنِ الجَواهِرِ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَنافِعِ؛ والمُرادُ بِهِ السَّبْعَةُ الأبْحُرُ الكائِنَةُ في الرُّبْعِ المُرْتَفِعِ عَنِ الماءِ؛ وهو المَسْكُونُ مِن كُرَةِ الأرْضِ؛ المادَّةِ مِنَ البَحْرِ المُحِيطِ الغامِرِ لِثَلاثَةِ أرْباعِ الأرْضِ؛ فَجَعَلَهُ بِالتَّسْخِيرِ؛ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ النّاسُ مِنَ الِانْتِفاعِ بِهِ؛ بِالرُّكُوبِ؛ والغَوْصِ؛ وغَيْرِهِما؛ ﴿لِتَأْكُلُوا مِنهُ﴾؛ أيْ: بِالِاصْطِيادِ؛ وغَيْرِهِ؛ مِن لُحُومِ الأسْماكِ؛ ﴿لَحْمًا طَرِيًّا﴾؛ لا تَجِدُ أنْعَمَ مِنهُ؛ ولا ألْيَنَ؛ وهو أرْطَبُ اللُّحُومِ؛ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الفَسادُ؛ فَيُبادَرُ إلى أكْلِهِ عَذْبًا لَذِيذًا؛ مَعَ نَشْبِهِ في مِلْحٍ زُعاقٍ؛ ﴿وتَسْتَخْرِجُوا مِنهُ﴾؛ أيْ: بِجُهْدِكم في الغَوْصِ؛ وما يَتْبَعُهُ؛ ﴿حِلْيَةً تَلْبَسُونَها﴾ (p-١٢٥)أيْ: نِساؤُكُمْ؛ وهُنَّ بَعْضُكم لَكُمْ؛ فَكَأنَّ اللّابِسَ أنْتُمْ؛ وهي مِنَ الحِجارَةِ الَّتِي لا تَرى أصْلَبَ مِنها؛ ولا أصْفى؛ مِنَ اللُّؤْلُؤِ؛ وكَذا مِنَ المَرْجانِ؛ وغَيْرِهِ؛ مَعَ نِسْبَةِ هَذا الصُّلْبِ؛ وذاكَ الطَّرِيِّ؛ إلى الماءِ؛ فَلَوْ أنَّهُ فاعِلٌ بِطَبْعِهِ لاسْتَوَيا.
ولَمّا ذَكَرَ المَنافِعَ العامَّةَ؛ مُخاطِبًا لَهم بِها؛ وكانَ المَخْرُ - وهو أنْ تَجْرِيَ السَّفِينَةُ مُسْتَقْبِلَةً الرِّيحَ؛ فَتَشُقَّ الماءَ؛ فَيُسْمَعَ لِجَرْيِها صَوْتٌ مُعْجِبٌ؛ وذَلِكَ مَعَ الحِمْلِ الثَّقِيلِ - آيَةً عَظِيمَةً؛ لا يَتَأمَّلُها إلّا أرْبابُ القُلُوبِ؛ خَصَّ بِالخِطابِ أعْلى أُولِي الألْبابِ؛ ومَن قارَبَهُ في ابْتِغاءِ الصَّوابِ؛ فَقالَ: ﴿وتَرى الفُلْكَ﴾؛ ولَمّا كانَ النَّظَرُ إلى تَعْدادِ النِّعَمِ هُنا أتَمَّ مِنهُ في سُورَةِ ”فاطِرٍ“؛ قَدَّمَ المَخْرَ في قَوْلِهِ: ﴿مَواخِرَ فِيهِ﴾؛ أيْ: جَوارِيَ تَشُقُّ الماءَ مَعَ صَوْتٍ؛ لِتَرْكَبُوها؛ فَتَسْتَدِلُّوا - بِعَدَمِ رُسُوبِها فِيهِ؛ مَعَ مُيُوعِهِ؛ ورِقَّتِهِ؛ وشِدَّةِ لَطافَتِهِ - عَلى وحْدانِيَّةِ الإلَهِ؛ وقُدْرَتِهِ.
ولَمّا عَلَّلَ التَّسْخِيرَ بِمَنفَعَةِ البَحْرِ نَفْسِهِ؛ مِنَ الأكْلِ وما تَبِعَهُ؛ عَطَفَ عَلى ذَلِكَ النَّفْعِ بِهِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿ولِتَبْتَغُوا﴾؛ أيْ: تَطْلُبُوا (p-١٢٦)طَلَبًا عَظِيمًا بِرُكُوبِهِ؛ ﴿مِن فَضْلِهِ﴾؛ أيْ: اللَّهِ؛ بِالتَّوَصُّلِ بِها إلى البُلْدانِ الشّاسِعَةِ لِلْمَتاجِرِ وغَيْرِها؛ ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾؛ هَذِهِ النِّعَمَ الَّتِي أنْتُمْ عاجِزُونَ عَنْها لَوْلا تَسْخِيرُهُ؛ و”المَخْرُ“: شَقُّ الماءِ عَنْ يَمِينٍ وشِمالٍ؛ وهو أيْضًا صَوْتُ هُبُوبِ الرِّيحِ؛ إذا اشْتَدَّ هُبُوبُها؛ وقَدِ ابْتُدِئَ فِيهِ بِما يَغُوصُ تارَةً؛ ويَطِفُّ أُخْرى بِالِاخْتِيارِ؛ وثَنّى بِما طَبْعُهُ الرُّسُوبُ؛ وثَلَّثَ بِما مِن طَبْعِهِ الطُّفُوفُ.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی سَخَّرَ ٱلۡبَحۡرَ لِتَأۡكُلُوا۟ مِنۡهُ لَحۡمࣰا طَرِیࣰّا وَتَسۡتَخۡرِجُوا۟ مِنۡهُ حِلۡیَةࣰ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ مَوَاخِرَ فِیهِ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











