الباحث القرآني

ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: الجامِعَ لِصِفاتِ الكَمالِ؛ بِلُطْفِهِ؛ وعَوْنِهِ؛ ﴿مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾؛ أيْ: وُجِدَ مِنهُمُ الخَوْفُ مِنَ اللَّهِ (تَعالى)؛ فَكانُوا في أوَّلِ مَنازِلِ التَّقْوى؛ وهو مَعَ المُتَّقِينَ الَّذِينَ كانُوا في النِّهايَةِ مِنها؛ فَعَدَلُوا في أفْعالِهِمْ مِنَ التَّوْحِيدِ وغَيْرِهِ؛ عَمَلًا بِأمْرِ اللَّهِ في الكِتابِ؛ الَّذِي هو تِبْيانٌ لِكُلِّ شَيْءٍ؛ وهو مَعَ الَّذِينَ أحْسَنُوا؛ وكانُوا في أوَّلِ دَرَجاتِ الإحْسانِ؛ ﴿والَّذِينَ هُمْ﴾؛ أيْ: بِضَمائِرِهِمْ؛ وظَواهِرِهِمْ؛ ﴿مُحْسِنُونَ﴾؛ أيْ: صارَ الإحْسانُ صِفَةً لَهم غَيْرَ مُنْفَكَّةٍ عَنْهُمْ؛ فَهم في حَضَراتِ الرَّحْمَنِ؛ وأنْتَ رَأْسُ المُتَّقِينَ المُحْسِنِينَ؛ فاللَّهُ مَعَكَ؛ ومَن كانَ اللَّهُ مَعَهُ كانَ غالِبًا؛ وصَفْقَتُهُ رابِحَةٌ؛ وحالَتُهُ صالِحَةٌ؛ وأمْرُهُ عالٍ؛ وضِدُّهُ في أسْوَإ الأحْوالِ؛ فَلا تَسْتَعْجِلُوا قَلَقًا؛ كَما اسْتَعْجَلَ الكُفّارُ اسْتِهْزاءً؛ تَخَلُّقًا في التَّأنِّي والحِلْمِ بِصِفَةِ مَن تَنَزَّهَ عَنْ نَقْصِ الِاسْتِعْجالِ؛ وتَعالى عَنِ ادِّعاءِ الأكْفاءِ والأمْثالِ؛ فَقَدْ عانَقَ آخِرُها أوَّلَها؛ ووافَقَ مَقْطَعُها مَطْلَعَها؛ وآخِرُها احْتِباكٌ: ذَكَرَ ”الَّذِينَ اتَّقَوْا“؛ أوَّلًا؛ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ ”الَّذِينَ أحْسَنُوا“؛ ثانِيًا؛ والمُحْسِنِينَ ثانِيًا؛ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ المُتَّقِينَ أوَّلًا؛ واللَّهُ المُوَفِّقُ لِلصَّوابِ؛ وإلَيْهِ المَرْجِعُ والمَآبُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب