الباحث القرآني

ولَمّا قَرَّرَ مِن عَظَمَتِهِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ ما هو داعٍ إلى اتِّباعِهِ؛ صَرَّحَ بِالأمْرِ بِهِ؛ تَنْبِيهًا عَلى زِيادَةِ عَظَمَتِهِ؛ بِأمْرٍ مُتَباعِدٍ في الرُّتْبَةِ عَلى سائِرِ النُّعُوتِ الَّتِي أثْنى عَلَيْهِ بِها؛ وذَلِكَ كَوْنُهُ صارَ مُقْتَدًى لِأفْضَلِ ولَدِ آدَمَ؛ مُشِيرًا إلى ذَلِكَ بِحَرْفِ التَّراخِي الدّالِّ عَلى عُلُوِّ رُتْبَتِهِ؛ بِعُلُوِّ رُتْبَةِ مَن أمَرَ بِاتِّباعِهِ فِيما مَهَّدَهُ؛ مِمّا أمَرَ بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ؛ والطَّرِيقِ الواضِحِ (p-٢٧٥)السَّهْلِ؛ فَقالَ - سُبْحانَهُ -: ﴿ثُمَّ أوْحَيْنا﴾؛ أيْ: ثُمَّ زِدْناهُ تَعْظِيمًا؛ وجَلالَةً بِأنْ أوْحَيْنا؛ ﴿إلَيْكَ﴾؛ وأنْتَ أشْرَفُ الخَلْقِ؛ وفَسَّرَ الإيحاءَ بِقَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ - تَرْغِيبًا في تَلَقِّي هَذا الوَحْيِ؛ أحْسَنَ التَّلَقِّي؛ بِاقْتِفاءِ الأبِ الأعْظَمِ -: ﴿أنِ اتَّبِعْ﴾؛ أيْ: بِغايَةِ جُهْدِكَ؛ ونِهايَةِ هِمَّتِكَ. ولَمّا كانَ المُرادُ أصْلَ الدِّينِ؛ وحُسْنَ الِاقْتِضاءِ فِيهِ؛ بِسُهُولَةِ الِانْقِيادِ والِانْسِلاخِ مِن كُلِّ باطِلٍ؛ والدَّعْوَةِ بِالرِّفْقِ؛ مَعَ الصَّبْرِ؛ وتَكْرِيرِ الإيرادِ لِلدَّلائِلِ؛ وكُلِّ ما يَدْعُو إلَيْهِ العَقْلُ الصِّرْفُ؛ والفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ؛ عَبَّرَ بِالمِلَّةِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿مِلَّةَ إبْراهِيمَ﴾؛ ولا بُعْدَ في أنْ يُفْهِمَ ذَلِكَ الهِجْرَةَ أيْضًا. ولَمّا كانَتِ الحَنِيفِيَّةُ أشْرَفَ أخْلاقِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ فَكانَتْ مَقْصُودَةً بِالذّاتِ؛ صَرَّحَ بِها؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿حَنِيفًا﴾؛ أيْ: الحالُ كَوْنُكَ؛ أوْ كَوْنُهُ شَدِيدَ الِانْجِذابِ؛ مَعَ الدَّلِيلِ الحَقِّ؛ ورَغَّبَ العَرَبَ في التَّوْحِيدِ؛ ونَفَّرَهم مِنَ الشِّرْكِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وما كانَ﴾؛ أيْ: بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ؛ ﴿مِنَ المُشْرِكِينَ﴾؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب