الباحث القرآني

(p-٢٥٥)فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما أقُولُ؟ فَقالَ: ﴿قُلْ﴾؛ لِمَن واجَهَكَ بِذَلِكَ مِنهُمْ: ﴿نَـزَّلَهُ﴾؛ أيْ: القُرْآنَ؛ بِحَسَبِ التَّدْرِيجِ لِأجْلِ اتِّباعِ المَصالِحِ؛ لِإحاطَةِ عِلْمِ المُتَكَلِّمِ بِهِ؛ ﴿رُوحُ القُدُسِ﴾؛ الَّذِي هو رُوحٌ كُلُّهُ؛ لَيْسَ فِيهِ داعٍ إلى هَوًى؛ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ فِيما يُنَزِّلُهُ افْتِراءٌ؛ لا سِيَّما مَعَ إضافَتِهِ إلى الطُّهْرِ البالِغِ؟ فَهو يُنَزِّلُهُ ﴿مِن رَبِّكَ﴾؛ أيُّها المُخاطَبُ؛ الَّذِي أحْسَنَ إلَيْكَ بِإنْزالِهِ؛ ثُمَّ بِتَبْدِيلِهِ؛ بِحَسَبِ المَصالِحِ؛ كَما أحْسَنَ تَرْبِيَتَكَ بِالنَّقْلِ مِن حالٍ إلى حالٍ؛ لا يَصْلُحُ في واحِدَةٍ مِنها ما يَصْلُحُ في غَيْرِها؛ مِنَ الظَّهْرِ إلى البَطْنِ؛ ثُمَّ مِنَ الرَّضاعِ إلى الفِطامِ؛ فَما بَعْدَهُ؛ فَكَيْفَ تُنْكِرُ تَبْدِيلَ الأحْكامِ لِلْمَصالِحِ؛ ولا تُنْكِرُ تَبْدِيلَ الأحْوالِ لِذَلِكَ؟ حالَ كَوْنِ ذَلِكَ الإنْزالِ ﴿بِالحَقِّ﴾؛ أيْ: الأمْرِ الثّابِتِ؛ الَّذِي جَلَّ عَنْ دَعْوى الِافْتِراءِ بِأنَّهُ لا يُسْتَطاعُ نَقْضُهُ؛ ﴿لِيُثَبِّتَ﴾؛ أيْ: تَثْبِيتًا عَظِيمًا؛ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ في دِينِهِمْ؛ بِما يَرَوْنَ مِن إعْجازِ البَدَلِ؛ والمُبْدَلِ؛ مَعَ تَضادِّ الأحْكامِ؛ وما فِيهِ مِنَ الحِكَمِ؛ والمَصالِحِ؛ بِحَسَبِ تِلْكَ الأحْوالِ - مَعَ ما كانَ في المَنسُوخِ مِن مِثْلِ ذَلِكَ؛ بِحَسَبِ الأحْوالِ السّالِفَةِ - ولِيَتَمَرَّنُوا عَلى حُسْنِ الِانْقِيادِ؛ ويُعْلَمَ بِسُرْعَةِ انْقِيادِهِمْ في تَرْكِ الألْفِ تَمامُ اسْتِسْلامِهِمْ؛ وخُلُوصِهِمْ عَنْ شَوائِبِ الهَوى؛ ثُمَّ عَطَفَ عَلى مَحَلِّ ”لِيُثَبِّتَ“؛ قَوْلَهُ: ﴿وهُدًى﴾؛ أيْ: بَيانًا واضِحًا؛ ﴿وبُشْرى﴾؛ أيْ: بِما فِيهِ مِن تَجَدُّدِ العَهْدِ (p-٢٥٦)بِالمَلِكِ الأعْلى؛ وتَرَدُّدِ الرَّسُولِ بَيْنَهُ وبَيْنَهُمْ؛ بِوَساطَةِ نَبِيِّهِمْ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - ﴿لِلْمُسْلِمِينَ﴾؛ المُنْقادِينَ المُبَرَّئِينَ مِنَ الكِبْرِ الطّامِسِ لِلْأفْهامِ؛ المُعَمِّي لِلْأحْلامِ؛ ولَوْلا مِثْلُ هَذِهِ الفَوائِدِ لَفاتَتْ حِكْمَةُ تَنْجِيمِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب