الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرُوهُ بِوُقُوعِ العَذابِ بِهِمْ؛ أمَرُوهُ بِما يَكُونُ سَبَبًا فِيما أُمِرُوا بِهِ مِن إنْجائِهِ؛ فَقالُوا: ﴿فَأسْرِ﴾؛ فَأتَوْا بِالفاءِ؛ لِأنَّ ما بَعْدَها مُسَبَّبٌ عَمّا قَبْلَها؛ ﴿بِأهْلِكَ بِقِطْعٍ﴾؛ أيْ: طائِفَةٍ؛ ﴿مِنَ اللَّيْلِ واتَّبِعْ﴾؛ أيْ: كَلِّفْ نَفْسَكَ أنْ تَتَّبِعَ ﴿أدْبارَهُمْ﴾؛ لِتَكُونَ أقْرَبَهم إلَيْنا وإلى مَحَلِّ العَذابِ؛ لِأنَّكَ أثْبَتُهم قَلْبًا؛ وأعْرَفُهم بِاللَّهِ؛ والشَّرُّ مِن ورائِكُمْ؛ وقَدْ جَرَتْ عادَةُ الكُبَراءِ أنْ يَكُونُوا أدْنى جَماعَتِهِمْ إلى الأمْرِ المَخُوفِ؛ سَماحًا بِأنْفُسِهِمْ؛ وتَثْبِيتًا لِغَيْرِهِمْ؛ وعِلْمًا مِنهم بِأنَّ مُداناةَ ما فِيهِ وجَلٌ لا يُقَرِّبُ مِن أجَلٍ؛ وضِدَّهُ لا يُغْنِي مِن قَدَرٍ؛ ولا يُباعِدُ مِن ضَرَرٍ؛ ولِئَلّا يَشْتَغِلَ قَلْبُكَ بِمَن خالَفَكَ؛ ولِيَحْتَشِمُوكَ فَلا يَلْتَفِتُوا؛ أوْ يَتَخَلَّفَ أحَدٌ مِنهُمْ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَصالِحِ؛ و”الدُّبُرُ“: جِهَةُ الخَلْفِ؛ وهو ضِدُّ ”القُبُلُ“؛ ﴿ولا يَلْتَفِتْ﴾؛ أيْ: أصْلًا؛ ﴿مِنكم أحَدٌ﴾؛ إذْ لا فائِدَةَ فِيهِ؛ لِأنَّ المُلْتَفِتَ غَيْرُ ثابِتٍ؛ لِأنَّهُ إمّا غَيْرُ مُسْتَيْقِنٍ لَخَبَرِنا؛ أوْ مُتَوَجِّعٍ لَهُمْ؛ فَمَنِ التَفَتَ نالَهُ العَذابُ؛ وذَلِكَ أيْضًا أجَدُّ في الهِجْرَةِ؛ وأسْرَعُ في السَّيْرِ؛ (p-٧٣)وأدَلُّ عَلى إخْراجِ ما خَلَّفُوهُ مِن مَنازِلِهِمْ وأمْتِعَتِهِمْ مِن قُلُوبِهِمْ؛ وعَلى أنَّهم لا يَرِقُّونَ لِمَن غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؛ مَعَ أنَّهم رُبَّما رَأوْا ما لا تُطِيقُهُ أنْفُسُهُمْ؛ ﴿وامْضُوا حَيْثُ﴾؛ وتَعْبِيرُهُ بِالمُضارِعِ يُشْعِرُ بِأنَّهُ يَكُونُ مَعَهم بَعْضُ المَلائِكَةِ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - في قَوْلِهِ: ﴿تُؤْمَرُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب