الباحث القرآني

ثُمَّ بَيَّنَ أنَّهم مُتَفاوِتُونَ فِيها؛ فَقالَ: ﴿لَها سَبْعَةُ أبْوابٍ﴾؛ قالَ الرُّمّانِيُّ: وهي أطْباقٌ؛ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ؛ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والحَسَنِ؛ وقَتادَةَ؛ وابْنِ جُرَيْجٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -؛ ﴿لِكُلِّ بابٍ مِنهُمْ﴾؛ أيْ: الغاوِينَ خاصَّةً؛ لا يُشارِكُهم (p-٦١)فِيهِ مُخْلَصٌ؛ ﴿جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾؛ مَعْلُومٌ لَنا مِنَ القِدَمِ؛ لِتَقْدِيرِنا إيّاهُ؛ لا يَزِيدُ شَيْئًا؛ ولا يَنْقُصُ شَيْئًا؛ فَلا فِعْلَ فِيهِ بِغَيْرِ التَّسَبُّبِ الَّذِي أظْهَرْناهُ؛ لِنَرْبِطَ بِهِ الأحْكامَ عَلى ما يَقْتَضِيهِ عُقُولُكُمْ؛ ومَجارِي عاداتِكُمْ؛ وعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أنَّ العُلْيا جَهَنَّمُ؛ ثُمَّ لَظى؛ ثُمَّ الحُطَمَةُ؛ ثُمَّ السَّعِيرُ؛ ثُمَّ سَقَرٌ؛ ثُمَّ الجَحِيمُ؛ ثُمَّ الهاوِيَةُ؛ وفي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُ سَقَرٍ عَلى لَظى؛ وعَنِ الضِّحاكِ أنَّ العُلْيا لِأهْلِ التَّوْحِيدِ؛ ثُمَّ يَخْرُجُونَ؛ والثّانِيَةَ لِلنَّصارى؛ والثّالِثَةَ لِلْيَهُودِ؛ والرّابِعَةَ لِلصّائِبَةِ؛ والخامِسَةَ لِلْمَجُوسِ؛ والسّادِسَةَ لِمُشْرِكِي العَرَبِ؛ والسّابِعَةَ لِلْمُنافِقِينَ؛ والسَّبَبُ في تَصاعُدِها اخْتِلافُ أنْواعِ الكُفْرِ في الغِلَظِ والخِفَّةِ؛ ﴿ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩]؛ رَحْمَةً مِنهُ - سُبْحانَهُ -؛ ولَعَلَّها كانَتْ سَبْعَةً بِاعْتِبارِ أصْنافِ الكُفّارِ؛ لِأنَّهم إمّا مُعَطِّلَةٌ؛ أوْ مُثْبِتَةٌ؛ والمُثْبِتَةُ إمّا يَهُودٌ؛ أوْ صابِئَةٌ؛ أوْ نَصارى؛ أوْ مَجُوسٌ؛ أوْ عُبّادُ أوْثانٍ؛ والكُلُّ إمّا مُصارِحُونَ؛ أوْ مُنافِقُونَ؛ ولَمّا كانَ المُنافِقُ لا يُعْرَفُ ظاهِرًا مِن أيُّها هُوَ؟ عُدَّ قِسْمًا واحِدًا؛ ووُكِلَ أمْرُهُ في مَيْزِهِ إلى العَلِيمِ الخَبِيرِ؛ ولَمّا كانَ الكُلُّ عامِلِينَ بِما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ؛ كانُوا في حُكْمِ المُعَطِّلَةِ؛ لِوَصْفِهِمُ اللَّهَ بِغَيْرِ صِفَتِهِ؛ فَرَجَعَتِ (p-٦٢)الأقْسامُ إلى سِتَّةٍ؛ فَأُضِيفَتْ إلَيْها العُصاةُ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ؛ فَجُعِلَتْ جُزْءُ الطَّبَقَةِ العُلْيا مِنَ النّارِ مُقابِلَةً لِقِسْمِ المُنافِقِينَ مِن كُلِّ أُمَّةٍ؛ لِعَمَلِهِمْ أعْمالَ الكُفّارِ؛ مَعَ الإيمانِ؛ كَما أنَّ عَمَلَ المُنافِقِينَ عَمَلُ المُؤْمِنِينَ؛ مَعَ الكُفْرانِ؛ فَكانُوا أخْفى الكُفّارِ؛ فَكانَ لَهُمُ الدَّرْكُ الأسْفَلُ مِنَ النّارِ؛ ثُمَّ رَأيْتُ في ”رَشْفُ النَّصائِحِ الإيمانِيَّةِ وكَشْفُ الفَضائِحِ اليُونانِيَّةِ“؛ لِلْعارِفِ بِاللَّهِ (تَعالى) شِهابِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنَّها جُعِلَتْ سَبْعَةً عَلى وفْقِ الأعْضاءِ السَّبْعَةِ؛ مِنَ العَيْنِ؛ والأُذُنِ؛ واللِّسانِ؛ والبَطْنِ؛ والفَرْجِ؛ واليَدِ؛ والرِّجْلِ؛ لِأنَّها مَصادِرُ السَّيِّئاتِ؛ فَكانَتْ مَوارِدُها الأبْوابَ السَّبْعَةَ - وهو مَأْخُوذٌ مِن كِتابِ ”المُحاسَبَةُ“؛ مِن كِتابِ الإحْياءِ لِلْإمامِ الغَزالِيِّ - ولَمّا كانَتْ هي بِعَيْنِها مَصادِرَ الحَسَناتِ؛ بِشَرْطِ النِّيَّةِ؛ والنِّيَّةُ مِن أعْمالِ القَلْبِ؛ زادَتِ الأعْضاءُ واحِدًا؛ فَجُعِلَتْ أبْوابُ الجِنانِ ثَمانِيَةً؛ هَذا مَعْنى قَوْلِهِ؛ قالَ: وأعْمالُ القُلُوبِ مِنَ السَّيِّئاتِ غَيْرُ مُؤاخَذٍ بِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب