الباحث القرآني

ولَمّا هُدِّدُوا بِآيَةِ التَّمَتُّعِ وإلْهاءِ الأمَلِ؛ وكانَ مِنَ المَعْلُومِ جِدًّا مِن أحْوالِهِمْ الِاسْتِعْجالُ بِالعَذابِ؛ تَكْذِيبًا واسْتِهْزاءً؛ كانَ الكَلامُ في قُوَّةِ أنْ يُقالَ: فَقالُوا: يا أيُّها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ عَجِّلْ لَنا ما تَتَوَعَّدُنا بِهِ؛ وكانَ هَذا غائِظًا؛ مُوجِعًا؛ حامِلًا عَلى تَمَنِّي سُرْعَةِ الإيقاعِ بِهِمْ؛ فَقِيلَ في الجَوابِ: إنَّ لَهم أجَلًا بِكِتابٍ مَعْلُومٍ؛ لا بُدَّ مِن بُلُوغِهِمْ لَهُ؛ لِأنَّ المُتَوَعِّدَ لا يَخافُ الفَوْتَ؛ فَهو يُمْهِلُ ولا يُهْمِلُ؛ لِأنَّهُ لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيْهِ؛ فَلْيَسْتَعِدُّوا؛ فَإنَّ الأمْرَ غَيْبٌ؛ فَما مِن لَحْظَةٍ إلّا وهي صالِحَةٌ لِأنْ يُتَوَقَّعَ فِيها العَذابُ؛ فَإنّا لا نُهْلِكُهم إلّا إذا بَلَغُوا كِتابَهُمُ المَعْلُومَ؛ ﴿وما﴾؛ جَعَلْنا هَذا خاصًّا بِهِمْ؛ بَلْ هو عادَتُنا؛ ﴿ما أهْلَكْنا﴾ [القصص: ٤٣]؛ أيْ: عَلى ما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ وأكَّدَ النَّفْيَ فَقالَ: ﴿مِن قَرْيَةٍ﴾؛ أيْ: مِنَ القُرى. ولَمّا كانَ السِّياقُ لِلْإهْلاكِ؛ واسْتِعْجالِهِمْ؛ واسْتِهْزائِهِمْ بِهِ؛ وكانَ (p-١٨)تَقْدِيرُهُ - سُبْحانَهُ - وكُتُبُهُ مِن عالَمِ الغَيْبِ؛ اقْتَضى الحالُ التَّأْكِيدَ بِما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ مَحْتُومٌ؛ مَفْرُوغٌ مِنهُ؛ سابِقٌ تَقْدِيرُهُ عَلى زَمَنِ الإهْلاكِ؛ فَأتى بِالواوِ لِأنَّ الحالَ بِدُونِ الواوِ كالجُزْءِ مِن سابِقِها كالخَبَرِ؛ والنَّعْتِ؛ الَّذِي لا يَتِمُّ المَعْنى بِدُونِهِ؛ والَّتِي بِالواوِ هي زِيادَةٌ في الخَبَرِ السّابِقِ؛ ولِذَلِكَ احْتِيجَ إلى الرَّبْطِ بِالواوِ؛ كَما يُرْبَطُ بِها في العَطْفِ؛ فَقالَ: ﴿إلا ولَها﴾؛ أيْ: والحالُ أنَّهُ لَها في الإهْلاكِ؛ أوْ لِإهْلاكِها؛ ﴿كِتابٌ مَعْلُومٌ﴾؛ أيْ: أجَلٌ مَضْرُوبٌ؛ مَكْتُوبٌ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ؛ أوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إذا جاءَهُمُ العَذابُ في الأجَلِ الَّذِي كَتَبْناهُ لَهُمْ: هَلْ يَوَدُّونَ الإسْلامَ؛ أمْ لا؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب