الباحث القرآني

فَلَمّا تَمَّ ما أرادَ مِن آيَتَيِ السَّماءِ؛ والأرْضِ؛ وخَتَمَهُ بِشُمُولِ قُدْرَتِهِ لِكُلِّ شَيْءٍ؛ أتْبَعَهُ ما يَنْشَأُ عَنْهُما مِمّا هو بَيْنَهُما مُودَعًا في خَزائِنِ قُدْرَتِهِ؛ فَقالَ: ﴿وأرْسَلْنا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ التَّصْرِيفِ الباهِرِ؛ ﴿الرِّياحَ﴾؛ جَمْعُ ”رِيحٌ“؛ وهي جِسْمٌ لَطِيفٌ؛ مُنْبَثٌّ في الجَوِّ؛ سَرِيعُ المَرِّ؛ ﴿لَواقِحَ﴾؛ أيْ: حَوامِلَ؛ تَحْمِلُ النَّدى؛ ثُمَّ تَمُجُّهُ في السَّحابِ الَّتِي تُنْشِئُها؛ فَهي حَوامِلُ لِلْماءِ؛ لَواحِقُ بِالجَوِّ؛ قُوَّتُهُ عَلى ذَلِكَ عالِيَةٌ حِسًّا؛ ومَعْنًى؛ و”الرِّيحُ“: هَواءٌ مُتَحَرِّكٌ؛ وحَرَكَتُهُ بَعْدَ أنْ كانَ ساكِنًا لا بُدَّ لَها مِن سَبَبٍ؛ ولَيْسَ هو نَفْسَ كَوْنِهِ هَواءً؛ ولا شَيْئًا مِن لَوازِمِ ذاتِهِ؛ وإلّا دامَتْ حَرَكَتُهُ؛ (p-٣٧)فَلَيْسَتْ إلّا بِتَحْرِيكِ الفاعِلِ الواحِدِ المُخْتارِ؛ ﴿فَأنْـزَلْنا﴾؛ أيْ: بِعَظَمَتِنا؛ بِسَبَبِ تِلْكَ السَّحائِبِ الَّتِي حَمَلَتْها الرِّياحُ؛ ﴿مِنَ السَّماءِ﴾؛ أيْ: الحَقِيقِيَّةِ؛ أوْ جِهَتِها؛ أوِ السَّحابِ؛ لِأنَّ الأسْبابَ المُتَراقِيَةَ بِسَنَدِ الشَّيْءِ تارَةً إلى القَرِيبِ مِنها؛ وتارَةً إلى البَعِيدِ؛ وأُخْرى إلى الأبْعَدِ؛ ﴿ماءً﴾؛ وهو جِسْمٌ مائِعٌ سَيّالٌ؛ بِهِ حَياةُ كُلِّ حَيَوانٍ مِن شَأْنِهِ الِاغْتِذاءُ؛ ﴿فَأسْقَيْناكُمُوهُ﴾؛ جَعَلْناهُ لَكم سَقْيًا؛ يُقالُ: ”سَقَيْتُهُ ماءً“؛ أيْ: لِيَشْرَبَهُ؛ و”أسْقَيْتُهُ“؛ أيْ: مَكَّنْتُهُ مِنهُ لِيَسْقِيَ بِهِ ماشِيَتَهُ؛ ومَن يُرِيدُ؛ ونَفى - سُبْحانَهُ - عَنْ غَيْرِهِ ما أثْبَتَهُ أوَّلًا لِنَفْسِهِ؛ فَقالَ ﴿وما أنْتُمْ لَهُ﴾؛ أيْ: ذَلِكَ الماءِ؛ ﴿بِخازِنِينَ﴾؛ و”الخَزْنُ“: وضْعُ الشَّيْءِ في مَكانٍ مُهَيَّإٍ لِلْحِفْظِ؛ فَثَبَتَ أنَّ القادِرَ عَلَيْهِ واحِدٌ مُخْتارٌ. ومادَّةُ ”لَقَحَ“؛ بِتَقالِيبِها السِّتِّ؛ تَدُورُ عَلى اللَّحاقِ؛ وتُلْزِمُهُ القُوَّةَ؛ والعُلُوَّ؛ حِسًّا؛ أوْ مَعْنًى؛ فَـ ”اللِّقاحُ“: اسْمُ ماءِ الفَحْلِ؛ لِأنَّهُ يَلْحَقُ الأُنْثى فَتَحَمِلَهُ؛ و”قَدْ ألْقَحَ الفَحْلُ النّاقَةَ“؛ و”لَقُحَتْ لِقاحًا“: حَمَلَتْ؛ و”المَلْقُوحُ“: ما لَقَحَتْهُ مِنَ الفَحْلِ؛ أيْ: أخَذَتْهُ؛ وهي المَلاقِيحُ؛ يَعْنِي: الأجِنَّةُ؛ (p-٣٨)و”اللِّقْحَةُ“: النّاقَةُ الحَلُوبُ؛ لِأنَّها أهْلٌ لِأنْ يَلْحَقَها جائِعٌ؛ و”ألْقَحَ القَوْمُ النَّخْلَ“؛ و”لَقَّحُوها“؛ إذا ألْحَقُوها بِالفِحالَةِ؛ فَعَلَّقُوها عَلَيْها. و”القاحِلُ“: اليابِسُ مِنَ الجُلُودِ؛ لِأنَّ أجْزاءَهُ تَلاحَقَ بَعْضُها بِبَعْضٍ؛ فَضَمُرَتْ؛ ومِنهُ ”شَيْخٌ قاحِلٌ“؛ و”اللَّحَقُ“: كُلُّ شَيْءٍ لَحِقَ شَيْئًا؛ أيْ: أدْرَكَهُ؛ و”المُلْحَقُ“: الدَّعِيُّ؛ لِأنَّهُ مُتَهَيِّئٌ لِأنَّهُ يَسْتَلْحِقُهُ كُلُّ مَن يُرِيدُهُ؛ و”المِلْحاقُ“: النّاقَةُ الَّتِي لا يَفُوتُها الإبِلُ: قالَ الزُّبَيْدِيُّ في ”مُخْتَصَرُ العَيْنِ“: وفي القُنُوتِ: ”إنَّ عَذابَكَ بِالكُفّارِ مُلْحِقٌ“؛ بِالكَسْرِ؛ أيْ: لاحِقٌ؛ لُغَةٌ. و”الحَقْلُ“: القِراحُ الطَّيِّبُ؛ لِتَهَيُّئِها لِمَن يَلْحَقُ بِها؛ وقِيلَ: هو الزَّرْعُ إذا تَشَعَّبَ ورَقُهُ؛ وهو مِن ذَلِكَ أيْضًا؛ ومِن لُحُوقِهِ بِالحَصادِ؛ فَيَصِيرُ كالمَحْلُوقِ؛ و”الحَقِيلُ“: نَبْتٌ؛ و”الحَقِيلَةُ“: الماءُ الرَّطْبُ؛ أيْ: الأخْضَرُ مِنَ البَقْلِ؛ والشَّجَرِ؛ في الأمْعاءِ مِنهُ؛ و”الحَقِيلَةُ“: حُشافَةُ التَّمْرِ؛ لِلَحاقِ كُلِّ مَن أرْداهُ بِهِ؛ و”الحَوْقَلَةُ“: الغُرْمُولُ اللِّيِّنُ؛ كَأنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالنَّبْتِ الأخْضَرِ؛ أوْ لِإمْكانِ تَثَنِّيهِ كُلَّ وقْتٍ؛ ولُحُوقِ بَعْضِ أجْزائِهِ بِبَعْضٍ؛ و”الحَوْقَلُ“: (p-٣٩)الشَّيْخُ الضَّعِيفُ النِّكاحِ؛ كَأنَّهُ مِنهُ؛ و”الحَوْقَلَةُ“: سُرْعَةُ المَشْيِ؛ و”حَقَلَ الفَرَسُ“؛ إذا وُجِعَ مِن أكْلِ التُّرابِ؛ كَأنَّهُ مَأْخُوذٌ مِن ”الحَقْلُ“؛ و”حَوْقَلَ الشَّيْخُ“: اعْتَمَدَ بِيَدَيْهِ عَلى خَصْرِهِ إذا تَمَشّى؛ كَأنَّهُ لِلَحاقِ يَدَيْهِ خَصْرَهُ. و”الحَلْقُ“: مَساغُ الطَّعامِ والشَّرابِ؛ و”حُلُوقُ الأرْضِ“: أوْدِيَتُها؛ ومَجارِيها؛ لِلَحاقِ المِياهِ بِها؛ ولِشَبَهِها بِالحُلُوقِ؛ و”الحَلْقُ“: حَلْقُ الشَّعْرِ بِالمُوسى؛ مِنَ اللَّحاقِ؛ والقُوَّةِ؛ و”المَحالِقُ“: الأكْسِيَةُ الخَشِنَةُ الَّتِي تَحْلِقُ الشَّعْرَ مِن خُشُونَتِها؛ و”الحالِقُ“: المَشْؤُومُ؛ الَّذِي يَحْلِقُ قَوْمَهُ؛ و”الحَلْقُ“: ضَرْبٌ مِنَ النَّباتِ؛ لِوَرَقِهِ حُمُوضَةٌ؛ كَأنَّهُ لِسُرْعَةِ لَحاقِ الماشِيَةِ بِهِ؛ لِأنَّهُ كالفاكِهَةِ لَها؛ و”الحَلْقَةُ“: الخاتَمُ بِلا فَصٍّ؛ لِتَلاحُقِ أجْزائِها بَعْضِها بِبَعْضٍ؛ ومِنهُ ”حَلْقَةُ القَوْمِ“؛ و”الحَلْقَةُ“: السِّلاحُ كُلُّهُ؛ إمّا مِن هَذا لِأنَّ مِنها الدُّرُوعَ ذاتُ الحِلَقِ؛ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاسْمِ جُزْئِهِ؛ وإمّا مِنَ القُوَّةِ؛ والعُلُوِّ المَعْنَوِيِّ؛ لِما يَلْزَمُ عَنْها؛ و”الحَلْقُ“: المالُ الكَثِيرُ؛ إمّا مِن ذَلِكَ؛ وإمّا مِن لَحاقِ صاحِبِهِ بِمُرادِهِ؛ و”الحالِقُ“: الجَبَلُ المَنِيفُ؛ لِظُهُورِهِ؛ وعُلُوِّهِ؛ ولَحاقِهِ بِالجَوِّ؛ و”الحَوْقَلَةُ“: القارُورَةُ الطَّوِيلَةُ العُنُقِ؛ و”حَلَّقَ الطّائِرُ“: ارْتَفَعَ في الهَواءِ؛ مِن هَذا؛ و”اللِّقْحَةُ“: الغُرابُ؛ و”الحالِقُ“؛ مِنَ الكَرْمِ؛ والشَّرى: ما تَعَلَّقَ مِنهُ بِالقُضْبانِ؛ فَهو ظاهِرٌ في اللَّحاقِ؛ و”حَلَقَ الضِّرْعُ“؛ إذا ارْتَفَعَ إلى البَطْنِ؛ وانْضَمَّ؛ فَهو مِنَ العُلُوِّ؛ (p-٤٠)واللَّحاقِ؛ وقِيلَ: إذا كَثُرَ لَبَنُهُ فَهو إذًا مِنَ اللَّحاقِ؛ و”تَحَلَّقَ القَمَرُ“: صارَتْ حَوْلَهُ دارَةٌ؛ و”حَلَقَ قَضِيبُ الفَرَسِ حَلْقًا“؛ إذا تَقَشَّرَ؛ كَأنَّهُ شُبِّهَ بِما حُلِقَ شَعْرُهُ؛ و”حَيٌّ لَقاحٌ“: لَمْ يُمْلَكُوا قَطُّ؛ كَأنَّهُ مِنَ القُوَّةِ؛ والعُلُوِّ المَعْنَوِيِّ؛ و”القَلَحُ“: صُفْرَةٌ تَعْلُو الأسْنانَ؛ فَهو مِنَ اللَّحاقِ؛ مَعَ العُلُوِّ؛ ويُسَمّى الجَعْلُ ”أقْلَحَ“؛ مِن هَذا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب