الباحث القرآني

﴿وما يَأْتِيهِمْ﴾؛ عَبَّرَ بِالمُضارِعِ تَصْوِيرًا لِلْحالِ؛ إيذانًا بِما يُوجِبُ مِنَ الغَضَبِ؛ فَإنَّ ”ما“ تَجْعَلُ المُضارِعَ حالًا؛ والماضِيَ قَرِيبًا مِنهُ؛ وأكَّدَ النَّفْيَ؛ فَقالَ: ﴿مِن رَسُولٍ﴾؛ أيْ: عَلى أيِّ وجْهٍ كانَ؛ ﴿إلا كانُوا بِهِ﴾؛ أيْ: جِبِلَّةً وطَبْعًا؛ ﴿يَسْتَهْزِئُونَ﴾؛ مُكَرِّرِينَ لِذَلِكَ دائِمًا؛ فَكَأنَّهم تَواصَوْا بِمِثْلِ هَذا؛ ولَمْ يَنْقُصْ هَذا مِن عَظَمَتِنا شَيْئًا؛ فَلا تَبْتَئِسْ بِما يَفْعَلُونَ بِكَ؛ و”الِاسْتِهْزاءُ“؛ في الأصْلِ: طَلَبُ الهُزُؤِ؛ والمُرادُ بِهِ هُنا - واللَّهُ أعْلَمُ - الهُزْءُ؛ وهو إظْهارُ ما يُقْصَدُ بِهِ العَيْبُ؛ عَلى إيهامِ المَدْحِ؛ كاللَّعِبِ؛ والسُّخْرِيَةِ؛ ولَعَلَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالسِّينِ المُفْهِمَةِ لِلطَّلَبِ؛ إشارَةً إلى أنَّ رَغْبَتَهم فِيهِ لا تَنْقَضِي؛ كَما هو شَأْنُ الطّالِبِ لِلشَّيْءِ؛ مَعَ أنَّهم لا يَقَعُونَ عَلى مُرادِهِمْ في حَقِّ أهْلِ اللَّهِ أصْلًا؛ لِأنَّهم لا يَفْعَلُونَ مِن ذَلِكَ فِعْلًا إلّا كانَ ظاهِرَ البُعْدِ عَمّا يُرِيدُونَ؛ لِظُهُورِ ما يَدْعُو إلَيْهِ حِزْبُ اللَّهِ؛ وثَباتُهُ؛ فَكانُوا لِذَلِكَ كَطالِبِ (p-٢٧)ما لَمْ يَقَعْ؛ وإنَّما كانَ النّاسُ إلى ما يُوجِبُهُ الجَهْلُ مِنَ الاسْتِهْزاءِ ونَحْوِهِ أسْرَعُ مِنهم إلى ما يُوجِبُهُ العِلْمُ مِنَ الأخْذِ بِالحَزْمِ؛ والنَّظَرِ في العَواقِبِ؛ لِما في ذَلِكَ مِن تَعَجُّلِ الرّاحَةِ؛ واللَّذَّةِ؛ وإسْقاطِ الكُلْفَةِ بِإلْزامِ النَّفْسِ الِانْتِقالَ مِن حالٍ إلى حالٍ - قالَهُ الرُّمّانِيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب