الباحث القرآني

ولَمّا تَمَّ ما دَعا بِهِ مِنَ النَّزاهَةِ عَنْ رَجاسَةِ الشِّرْكِ وتَبَيَّنَ بِتَقْدِيمِهِ أنَّ أهَمَّ المُهِمّاتِ البَراءَةُ مِنهُ، أتْبَعُهُ الحَمْدَ عَلى ما رَزَقَ مِنَ النِّعَمِ وما تَبِعَ ذَلِكَ مِنَ الإشارَةِ إلى وُجُوبِ الشُّكْرِ فَقالَ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ﴾ أيِ المُسْتَجْمِعِ لِصِفاتِ الكَمالِ ﴿الَّذِي وهَبَ﴾ والهِبَةُ: هِبَةُ تَمْلِيكٍ مِن غَيْرِ عَقْدٍ، مِنّا مِنهُ ”لِي“ حالَ كَوْنِي [مُسْتَعْلِيًا] ﴿عَلى الكِبَرِ﴾ ومُتَمَكِّنًا مِنهُ عَلى يَأْسٍ مِنَ الوَلَدِ ”إسْماعِيلَ“ الَّذِي أسْكَنَتْهُ هُنا ”وإسْحاقَ“ وهَذا يَدُلُّ عَلى ما تَقَدَّمَ فَهْمِي لَهُ مِن أنَّ هَذا الدُّعاءَ كانَ بَعْدَ بِناءِ البَيْتِ (p-٤٣٠)وطُمَأْنِينَتِهِ بِإسْحاقَ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّ سِنَّهُ كانَ عِنْدَ وِلادَةِ إسْماعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ تِسْعًا وتِسْعِينَ سَنَةً، وعِنْدَ وِلادَةِ إسْحاقَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ مِائَةَ سَنَةٍ واثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. ولَمّا كانَ إتْيانُ الوَلَدِ [لَهُ] في سِنٍّ لا يُولَدُ فِيهِ لِمِثْلِهِ، وجَمِيعِ ما دَعا [بِهِ] مِنَ الخَوارِقِ فَوُجُودُهُ لا يَكادُ يُصَدَّقُ، أشارَ إلى ذَلِكَ بِتَأْكِيدِ قَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبِّي﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيَّ ﴿لَسَمِيعُ الدُّعاءِ﴾ أيْ مِن شَأْنِهِ إجابَةُ الدُّعاءِ عَلى الوَجْهِ الأبْلَغِ تَعْرِيضًا بِالأنْدادِ وإشارَةً إلى ما تَضَمَّنَهُ تَأسُّفُهُ عَلى العُقْمِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ في [سُورَةِ البَقَرَةِ] عَنِ التَّوْراةِ أنَّهُ لَمّا خَلُصَ ابْنُ أخِيهِ [ لُوطًا ] مِنَ الأسْرِ قالَ [لَهُ] اللَّهُ: يا إبْراهِيمُ ! أنا أُكاتِفُكَ وأُساعِدُكَ لِأنَّ ثَوابَكَ قَدْ جَزَلَ، فَقالَ إبْرَمُ: اللَّهُمَّ رَبِّي! ما الَّذِي تَنْحَلُنِي وأنا خارِجٌ مِنَ الدُّنْيا بِلا نَسْلٍ ويَرِثُنِي اليَعازِرُ غُلامِي الدِّمَشْقِيُّ؟ فَقالَ لَهُ الرَّبُّ: لا يَرِثُكَ هَذا، بَلِ ابْنُكَ (p-٤٣١)الَّذِي يَخْرُجُ مِن صُلْبِكَ فَهو يَرِثُكَ، وقالَ لَهُ: انْظُرْ إلى السَّماءِ وأحْصِ النُّجُومَ إنْ كُنْتَ تَقْدِرُ أنْ تُحْصِيَها، فَكَذَلِكَ تَكُونُ ذُرِّيَّتُكَ، فَآمَنَ إبْرَمُ بِاللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب