الباحث القرآني

ولَمّا فَرَغَ مِنَ الدُّعاءِ بِالأهَمِّ مِنَ الإبْقاءِ عَلى الفِطْرَةِ الأُولى المُشَوِّقَةِ لِلْعَزائِمِ إلى العُكُوفِ في دارَةِ الأُنْسِ، ومِنَ الكِفايَةِ لَهُمُ المَعاشُ، المُنْتِجُ لِلشُّكْرِ بِإنْفاقِ الفَضْلِ، وتَبَيَّنَ مِن ذَلِكَ أنَّهم خالَفُوا أعْظَمَ آبائِهِمْ في جَمِيعِ ما قَصَدَهُ [لَهُمْ] مِنَ المَصالِحِ، أتْبَعُهُ ما يَحُثُّ عَلى الإخْلاصِ في ذَلِكَ وغَيْرِهِ لَهُ ولِغَيْرِهِ لِيَكُونَ أنْجَحَ لِلْمُرادِ بِضَمانِ الإسْعادِ ولا سِيَّما مَعَ تَكْرِيرِ النِّداءِ الدّالِّ عَلى مَزِيدِ التَّضَرُّعِ فَقالَ: ”رَبَّنا“ أيْ أيُّها المُحْسِنُ إلَيْنا المالِكِ لِجَمِيعِ أُمُورِنا ﴿إنَّكَ تَعْلَمُ ما﴾ أيْ جَمِيعِ ما (p-٤٢٩)﴿نُخْفِي وما نُعْلِنُ﴾ ثُمَّ أشارَ إلى عُمُومِ عِلْمِهِ فَقالَ: ﴿وما يَخْفى عَلى اللَّهِ﴾ أيِ الَّذِي أحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا. وبالَغَ في النَّفْيِ فَقالَ: ﴿مِن شَيْءٍ﴾ مِن ذَلِكَ ولا غَيْرِهِ ﴿فِي الأرْضِ﴾ ولَمّا كانَ في سِياقِ المُبالَغَةَ، أعادَ النّافِي تَأْكِيدًا فَقالَ: ﴿ولا في السَّماءِ﴾ أيْ فَهو غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى التَّعْرِيفِ بِالدُّعاءِ، فالدُّعاءُ إنَّما هو لِإظْهارِ العُبُودِيَّةِ، واسْمُ الجِنْسِ شامِلٌ لِما فَوْقَ الواحِدِ، ومِن فَوائِدِ التَّعْبِيرِ بِالإفْرادِ الدَّلالَةِ عَلى أنَّ [مَن] كانَ مُحِيطًا [بِكُلِّ ما في المُتَقابِلَيْنِ مِن غَيْرِ أنْ يَحْجُبَهُ أحَدُهُما عَنِ الآخَرِ، كانَ مُحِيطًا] بِغَيْرِهِما كَذَلِكَ مِن غَيْرِ فَرْقٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب