الباحث القرآني
ولَمّا دَعا بِدَرْءِ المَفاسِدِ النّاشِئَةِ مِن نَوْعَيِ الإنْسانِ والشَّيْطانِ بِأمْنِ البَلَدِ وإيمانِهِ ذَكَرَ السَّبَبَ الحامِلَ لَهُ عَلى تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ مُسْتَجْلِبًا لِلْمَصالِحِ، فَقالَ: ”رَبَّنا“ أيْ يا رَبِّ ورَبَّ مَن قَضَيْتَ أنَّهُ يَتْبَعُنِي بِتَرْبِيَتِكَ لَنا أحْسَنَ تَرْبِيَةٍ ﴿إنِّي أسْكَنْتُ﴾ وكَأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ كانَ قَدْ أخْبَرَهُ أنَّهُ يَكْثُرُ نَسْلُهُ حَتّى يَكُونُوا كالنُّجُومِ، وذَلِكَ بَعْدَ البِشارَةِ بِإسْحاقَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ: ﴿مِن ذُرِّيَّتِي﴾ وساقَهُ مُؤَكِّدًا تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ - لِكَوْنِهِ عَلى وجْهٍ لا يَسْمَحُ بِهِ أحَدٌ - لا يَكادُ يَصْدُقُ، ولِلْإعْلامِ بِأنَّهُ راغِبٌ فِيهِ ”بِوادٍ“ هو مَكَّةُ المُشَرَّفَةُ لِكَوْنِها في فَضاءٍ مُنْخَفِضٍ بَيْنَ جِبالٍ تَجْرِي بِهِ السُّيُولُ ﴿غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾
ولَمّا نَفى عَنْهُ الرِّفْدُ الدُّنْيَوِيُّ، أثْبَتَ لَهُ الأُخْرَوِيُّ، إشارَةً إلى أنَّ الدّارَيْنِ ضَرَّتانِ لا تَجْتَمِعانِ، وكَأنَّ هَذا الدُّعاءَ كانَ بَعْدَ بِنائِهِ البَيْتَ - كَما تَقَدَّمَتِ الإشارَةُ إلَيْهِ أيْضًا بِتَعْرِيفِ البَلَدِ، فَقالَ: ﴿عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ﴾ أيِ الَّذِي حَرَّمَتِ التَّعَرُّضَ إلَيْهِ ومَنَعَتْهُ بِالهَيْبَةِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ أحَدٌ سِواكَ، (p-٤٢٧)وجَعَلَ [لَهُ] حَرِيمَ يَأْمَنُ فِيهِ الوَحْشُ والطَّيْرُ؛ والسُّكْنى: اتِّخاذُ مَأْوًى يَسْكُنُ إلَيْهِ مَتى شاءَ، والوادِي: سَفْحُ الجَبَلِ العَظِيمِ، ومِنهُ قِيلَ لِلْأنْهارِ: أوْدِيَةٌ، لِأنَّ حافّاتِها كالجِبالِ لَها، والزَّرْعُ: نَباتٌ يَنْفَرِشُ مِن غَيْرِ ساقٍ؛ ثُمَّ بَيَّنَ غَرَضَهُ مِن إسْكانِهِمْ هُناكَ فَقالَ: ”رَبَّنا“ أيْ أيُّها المُحْسِنُ إلَيْنا ﴿لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ ما أسْكَنْتُهم في هَذا الوادِي المَوْصُوفِ إلّا لِهَذا الغَرَضِ المُنافِي لِعِبادَةِ غَيْرِكَ، ولِأنَّ أوْلى النّاسِ بِإقامَتِها حاضِرُو البَيْتِ المُتَوَجِّهِ بِها إلَيْهِ.
ولَمّا كانَ اشْتِغالُهم بِالعِبادَةِ وكَوْنُهم في ذَلِكَ الوادِي أمْرَيْنِ بَعِيدَيْنِ عَنْ أسْبابِ المَعاشِ، تُسُبِّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ: ﴿فاجْعَلْ أفْئِدَةً﴾ أيْ قُلُوبًا مُحْتَرِقَةً بِالأشْواقِ ﴿مِنَ النّاسِ﴾ أيْ مِن أفْئِدَةِ الَّذِينَ هم أهْلٌ لِلِاضْطِرابِ، بِكَوْنِ احْتِراقِها بِالشَّوْقِ مانِعًا مِنَ اضْطِرابِها ﴿تَهْوِي﴾ أيْ تَقْصِدُهم فَتُسْرِعَ نَحْوَهم بِرَغْبَةٍ وشَوْقِ إسْراعِ مَن يَنْزِلُ مِن حالِقٍ؛ وزادَ المَعْنى وُضُوحًا وأكَّدَهُ بِحَرْفِ الغايَةِ الدّالِّ عَلى بُعْدٍ لِأنَّ الشَّيْءَ كُلَّما بَعُدَ مَدى (p-٤٢٨)مَرْماهُ اشْتَدَّ وقْعُهُ فَقالَ: ﴿إلَيْهِمْ﴾ [ولَمّا دَعا لَهم بِالدِّينِ، دَعا لَهم بِالرِّزْقِ المُتَضَمِّنِ لِلدُّعاءِ لِجِيرانِهِمْ فَقالَ]: ﴿وارْزُقْهُمْ﴾ أيْ عَلى يَدِ مَن يَهْوِي إلَيْهِمْ ﴿مِنَ الثَّمَراتِ﴾ أيِ الَّتِي أنْبَتَها في بِلادِهِمْ؛ وبَيْنَ العِلَّةِ الصّالِحَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهم يَشْكُرُونَ﴾ أيْ لِيَكُونَ حالُهم حالَ مَن يُرْجى شُكْرُهم لِما يَرَوْنَ مِن نِعْمِكَ الخارِقَةِ لِلْعَوائِدِ في ذَلِكَ المَوْضِعِ البَعِيدِ عَنِ الفَضْلِ لَوْلا عِنايَتُكَ [فَيَشْتَغِلُوا بِعِبادَتِكَ لِإغْنائِكَ] لَهم وإحْسانِكَ إلَيْهِمْ، وقَدْ أجابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ؛ فالآيَةُ لِتَذْكِيرِ قُرَيْشٍ بِهَذِهِ النِّعَمِ الجَلِيلَةِ عَلَيْهِمْ بِبَرَكَةِ أبِيهِمُ الأعْظَمِ الَّذِي نَهى عَنْ عِبادَةِ الأوْثانِ.
{"ayah":"رَّبَّنَاۤ إِنِّیۤ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّیَّتِی بِوَادٍ غَیۡرِ ذِی زَرۡعٍ عِندَ بَیۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِیُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِیۤ إِلَیۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَ ٰتِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











