الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا الفِعْلُ مَن لا عَقْلَ لَهُ، بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ﴾ الَّذِي يَعْلَمُونَ أنَّهُ لا شَرِيكَ لَهُ في خَلْقِهِمْ ولا في رِزْقِهِمْ لَأنَ لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ ﴿أنْدادًا﴾ وقالَ: ﴿لِيُضِلُّوا﴾ أيْ بِأنْفُسِهِمْ عَلى قِراءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وأبِي عَمْرُو، ويَعُمُّوا غَيْرَهم عَلى قِراءَةِ الباقِينَ ”عَنْ سَبِيلِهِ“ لِأنَّهم [إنَّ] كانُوا عُقَلاءَ [فَإنَّهُمْ] يَعْلَمُونَ أنَّ هَذا لازِمٌ لِفِعْلِهِمْ فَهم قاصِدُونَ لَهُ، وإلّا فَلا عُقُولَ لَهُمْ، لِأنَّهُ لا يَقْدِمُ عَلى ما لا يُعْلَمُ عاقِبَتُهُ إلّا أبْلَهٌ، وهم يَقُولُونَ: إنَّهم أبْصَرُ النّاسِ قَوْبًا، وأصْفاهم عُقُولًا. وأنْفَذَهم أفْكارًا، وأمْتَنَهم آراءً، فَمَن ألْزَمَ مِنهم [بِطَرِيقِ النَّجاةِ] ومَن أحْذَرَ مِنهم لِطُرُقِ الهَلاكِ؟ مَعَ ما أوْقَعُوا أنْفُسَهم فِيهِ مِن هَذا الدّاءِ العِضالِ. ولَمّا تَقَرَّرَ أنَّهم عَلى الضِّدِّ مِن جَمِيعِ ما يَدْعُونَهُ فَكانُوا بِذَلِكَ أهْلًا لِلْإعْراضِ عَنْهُمْ، وكانَ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ بِمُعْرِضٍ أنْ يَقُولَ: فَماذا أفْعَلُ بِهِمْ وقَدْ أمَرْتَنِي بِإخْراجِهِمْ إلى صِراطِكَ؟ أمَرَهُ أنْ يَدُقَّ أعْناقَهم بِإخْبارِهِمْ أنَّ ما أضَلَّهم مِنَ النِّعَمِ إنَّما هو اسْتِدْراجٌ، فَقالَ: ”قُلْ“ أيْ تَهْدِيدًا لَهم فَإنَّهم لا يَشْكُونَ في قَوْلِكَ وإنْ عانَدُوا: ﴿تَمَتَّعُوا﴾ وبالِغُوا في فِعْلِ البَهائِمِ مَهْما قَدِرْتُمْ، فَإنَّ ذَلِكَ ضائِرُكم (p-٤١٨)غَيْرُ نافِعِكم ﴿فَإنَّ مَصِيرَكُمْ﴾ أيْ صَيْرُورَتِكم ﴿إلى النّارِ﴾ بِسَبَبِ تَمَتُّعِكم عَلى هَذا الوَجْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب