الباحث القرآني

ولَمّا أشارَ إلى ما لِلْكافِرِينَ، وصَفَهم بِما عاقَهم عَنْ قَبُولِ الخَيْرِ وتَرْكِهِمْ في أوْدِيَةِ الشَّرِّ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ﴾ أيْ يَطْلُبُونَ أنْ يُحِبُّوا أوْ يُوجِدُونَ المَحَبَّةَ بِغايَةِ الرَّغْبَةِ مُتابَعَةً لِلْهَوى ﴿الحَياةَ الدُّنْيا﴾ وهي النَّشْأةُ الأُولى الَّتِي هي دارُ الِارْتِحالِ، مُؤْثِرِينَ لَها ﴿عَلى الآخِرَةِ﴾ أيِ النَّشْأةِ الأُخْرى الَّتِي هي دارُ المَقامِ، وذَلِكَ بِأنْ يُتابِعُوا أنْفُسَهم عَلى حُبِّها حَتّى يَكُونُوا كَأنَّهم طالِبُونَ لِذَلِكَ، وهَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّ المَحَبَّةَ قَدْ تَكُونُ بِالإرادَةِ؛ والمَحَبَّةُ: مَيَّلُ الطِّباعِ إلى الشَّيْءِ بِالشَّهْوَةِ، فَهم يَمْتَنِعُونَ خَوْفًا عَلى دُنْياهُمُ الَّتِي مِنها رِئاسَتِهِمْ عَنْ سُلُوكِ الصِّراطِ ”و“ يَضُمُّونَ إلى ذَلِكَ أنَّهم ”يَصُدُّونَ“ أيْ يُعْرِضُونَ بِأنْفُسِهِمْ ويَمْنَعُونَ غَيْرَهم ﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أيْ طَرِيقِ المَلِكِ الأعْظَمِ؛ والسَّبِيلُ: المَذْهَبُ المُهَيَّأُ لِلسُّلُوكِ ”و“ يَزِيدُونَ (p-٣٧٤)عَلى ذَلِكَ أنَّهم ”يَبْغُونَها“ أيْ يَطْلُبُونَ لَها، حَذَفَ الجارَّ وأوْصَلَ الفِعْلَ تَأْكِيدًا لَهُ ﴿عِوَجًا﴾ والعِوَجُ: مَيْلٌ عَنِ الِاسْتِقامَةِ، وهو بِكَسْرِ العَيْنِ في الدِّينِ والأمْرِ والأرْضِ، وبِالفَتْحِ في كُلِّ ما كانَ قائِمًا كالحائِطِ والرُّمْحِ ونَحْوَهُما ﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ البُعَداءُ البَغْضاءُ ﴿فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ أيْ عَنِ الحَقِّ، إسْنادٌ مَجازِيٌّ، لِأنَّ البَعِيدَ أهْلُ الضَّلالِ بِمَيْلِهِمْ عَنِ الباقِي إلى الفانِي وبِطَلَبِهِمُ العِوَجَ فِيما قَوَّمَهُ اللَّهُ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب