الباحث القرآني

ولَمّا تَقَرَّرَ بِما مَضى أنَّ الحَقَّ ما قالَهُ [اللَّهُ] أوْ فَعَلَهُ أوْ أذِنَ فِيهِ، وأنَّ الباطِلَ ما كانَ عَلى غَيْرِ أمْرِهِ مِمّا يُنْسَبُ إلى الشَّيْطانِ أوْ غَيْرِهِ مِن قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ، وأنَّهُ لا يَصْلُحُ في الحِكْمَةِ أنْ يَنْفِيَ الحَقَّ ولا [أنْ] يُبْقِيَ الباطِلُ ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ﴾ [يونس: ٨١] ﴿ويُحِقُّ اللَّهُ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ﴾ [يونس: ٨٢] ﴿لِيُحِقَّ الحَقَّ ويُبْطِلَ الباطِلَ﴾ [الأنفال: ٨] ]، وقَصَّ سُبْحانَهُ كَلامَ أوْلِيائِهِ الَّذِي هو مِن كَلامِهِ، فَهو أثْبَتُ الأشْياءَ وأطْيَبُها وأعْظَمُها ثَمَرَةً، (p-٤١١)وكَلامُ أعْدائِهِ الَّذِي هو مِن كَلامِ الشَّيْطانِ، فَهو أبْطَلُ الأشْياءِ وأخْبَثُها، قَرَّبَ سُبْحانِهِ [ذَلِكَ] بِمِثْلٍ يَتَعارَفُهُ المُخاطِبُونَ فَقالَ: ﴿ألَمْ تَرَ﴾ أيْ يا مَن لا يَفْهَمُ عَنّا هَذا المَثَلَ حَقَّ الفَهْمِ سِواهُ! ﴿كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا ﴿مَثَلا﴾ أيْ سَيْرِهِ بِحَيْثُ يَعُمُّ نَفْعُهُ؛ والمَثَلُ: قَوْلٌ سائِرٌ يُشَبَّهُ فِيهِ حالُ الثّانِي بِالأوَّلِ؛ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ أيْ جَمَعَتْ أنْواعَ الكَرَمِ فَلَيْسَ فِيها شَيْءٌ مِنَ الخُبْثِ، وتِلْكَ الكَلِمَةُ ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ ولَمّا كانَتْ لا تَسْرِ إلّا بِالثَّباتِ، قالَ: ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ أيْ راسِخٌ في الأرْضِ آمِنٌ مِنَ الِاجْتِثاثِ بِالرِّياحِ ونَحْوَها ﴿وفَرْعُها﴾ عالٍ صاعِدٌ مُهْتَزٌّ ”فِي“ جِهَةِ ﴿السَّماءِ﴾ لِحُسْنِ مَنبَتِها وطَيِّبِ عُنْصُرِها؛ فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذِكْرُ ”ثابِتٍ“ أوَّلًا دالٌّ عَلى عالٍ صاعِدٍ ثانِيًا، وذِكْرُ ”السَّماءِ“ ثانِيًا دالٌّ عَلى الأرْضِ أوَّلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب