الباحث القرآني
(p-٤٠٦)ولَمّا كانَ الشَّيْطانُ أعْظَمَ المُسْتَكْبِرِينَ، خُصَّ بِالإفْرادِ بِالجَوابِ فَقِيلَ: ﴿وقالَ﴾ أوَّلُ المَتْبُوعِينَ في الضَّلالِ ﴿الشَّيْطانُ﴾ الَّذِي هو رَأْسُ المُضِلِّينَ المُسْتَكْبِرِينَ المَقْضِيُّ بِبُعْدِهِ واحْتِراقِهِ ﴿لَمّا قُضِيَ الأمْرُ﴾ بِتَعْيِنِ قَوْمٍ لِلْجَنَّةِ وقَوْمٍ لِلنّارِ، جَوابًا لِقَوْلِ الأتْباعِ مُذْعِنًا حَيْثُ لا يَنْفَعُ [الإذْعانُ]، ومُؤْمِنًا حَيْثُ فاتَ نَفْعُ الإيمانِ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ صِفاتُ الكَمالِ ﴿وعَدَكم وعْدَ الحَقِّ﴾ بِأنْ أرْسَلَ إلَيْكم رُسُلًا وأنْزَلَ مَعَهم بَراهِينَ وكُتُبًا أخْبَرَكم فِيها بِأنَّهُ رَبُّكُمُ الواحِدُ القَهّارُ، ودَعاكم إلَيْهِ بَعْدَ أنْ أخابَتْكُمُ الشَّياطِينُ، وبَشَّرَ مَن أجابَ، وحَذَّرَ مَن أبى، بِما هو قادِرٌ أتَمُّ القُدْرَةِ، فَكُلُّ ما قالَهُ طابَقَهُ الواقِعُ - كَما تَرَوْنَ - فَصَّدَقَكم فِيهِ ووَفى لَكم ﴿ووَعَدْتُكُمْ﴾ أنا بِما زَيَّنْتُ لَكم بِهِ ”المَعاصِي مِنَ الوَساوِسِ“ وعْدُ الباطِلِ ﴿فَأخْلَفْتُكُمْ﴾ فَلَمْ أقُلْ شَيْئًا إلّا كانَ زَيْغًا، فاتَّبَعْتُمُونِي مَعَ كَوْنِي عَدُّوكُمْ، وتَرَكْتُمْ رَبَّكم وهو رَبُّكم [ووَلِيُّكُمْ]؛ فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذَكَرَ ﴿وعْدَ الحَقِّ﴾ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِ ضِدِّهِ (p-٤٠٧)ثانِيًا، و”أخْلَفَتْكم“ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِ ”صِدْقِكُمْ“ أوَّلًا.
ولَمّا بَيَّنَ غُرُورَهُ، بَيَّنَ سُهُولَةَ اغْتِرارِهِمْ زِيادَةً في تَنْدِيمِهِمْ فَقالَ: ﴿وما كانَ﴾ لِي إلَيْكم في ذَلِكَ مِن ذَنْبٍ لِأنَّهُ ما كانَ ﴿لِي عَلَيْكُمْ﴾ وأبْلَغَ في النَّفْيِ فَقالَ: ﴿مِن سُلْطانٍ﴾ أيْ تَسَلُّطٍ كَبِيرٍ أوْ صَغِيرٍ بِشَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ ﴿إلا أنْ﴾ أيْ بِأنْ ﴿دَعَوْتُكُمْ﴾ بِالوَسْوَسَةِ الَّتِي كانَتْ سَبَبًا لِتَقْوِيَةِ دَواعِيكم إلى الشَّرِّ ﴿فاسْتَجَبْتُمْ﴾ أيْ أوْجَدْتُمُ الإجابَةَ إيجادَ مَن هو طالِبٌ لَها، راغِبٌ فِيها ﴿لِي﴾ مُحَكِّمِينَ الشَّهَواتِ، مُعْرِضِينَ عَنْ مَناهِيجِ العُقُولِ ودُعاءِ النُّصَحاءِ، ولَوْ حَكَّمْتُمْ عُقُولَكم لَتَبِعْتُمُ الهُداةَ لِما في سَبِيلِهِمْ مِنَ النُّورِ الدّاعِي إلَيْها وما [فِي] سُبُلِ غَيْرِهِمْ مِنَ الظَّلامِ السّادِّ لَها، والمَهالِكِ الزّاجِرَةِ عَنْها دُنْيا وأُخْرى، وساقَهُ عَلى صُورَةِ الِاسْتِثْناءِ - وإنْ لَمْ يَكُنْ دُعاءُهُ مِنَ السُّلْطانِ في شَيْءٍ - لِأنَّ السُّلْطانَ أخَصُّ مِنَ البُرْهانِ إذْ مَعْناهُ بُرْهانٍ يَتَسَلَّطُ بِهِ عَلى إبْطالِ مَذْهَبِ الخَصْمِ إشارَةً إلى أنَّهم تَبِعُوهُ ولا قُدْرَةَ لَهُ عَلى غَيْرِ هَذا الدُّعاءِ الَّذِي لا سُلْطانَ فِيهِ، وتَرَكُوا دُعاءَ مَن أنْزَلَ إلَيْهِمْ مِن كُلِّ سُلْطانٍ مُبِينٍ، مَعَ تَهْدِيدِهِمْ بِما هو قادِرٌ عَلى عَلَيْهِ وضَرْبِهِمْ بِبَعْضِهِ، وفاعِلٌ مِثْلَ ذَلِكَ لا لَوْمَ لَهُ عَلى غَيْرِ نَفْسِهِ ﴿فَلا﴾ [أيْ] فاذَّ [قَدْ] تَقَرَّرَ هَذا تَسَبَّبَ عَنْهُ أنِّي (p-٤٠٨)أقُولُ لَكُمْ: [لا] ﴿تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكُمْ﴾ لِأنَّكم مُؤاخَذُونَ بِكَسْبِكُمْ، لِأنَّهُ كانَتْ لَكم قُدْرَةٌ واخْتِيارٌ فاخْتَرْتُمُ الشَّرَّ عَلى الخَيْرِ، وعُلِمَ مِنهُ قَطْعًا أنَّ كُلاًّ مِنّا مَشْغُولٌ عَنْ صاحِبِهِ بِما جُزِيَ بِهِ، فَعُلِمَ أنِّي ﴿ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ أيْ بِمُغِيثِكم فِيما يَخُصُّكم مِنَ العَذابِ، فَآتِيكم بِما يُزِيلُ صُراخَكم مِنهُ ﴿وما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ فِيما يَخُصُّنِي مِنهُ لَتَقَطُّعِ الأسْبابِ، بِما دَهّى مِنَ العَذابِ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنِّي كَفَرْتُ﴾ مُسْتَهِينًا ﴿بِما أشْرَكْتُمُونِ﴾ [أيْ] بِاتِّخاذِكم [لِي] شَرِيكًا مَعَ اللَّهِ.
ولَمّا كانَ إشْراكُهم لَمْ يَسْتَغْرِقِ الزَّمانَ، أتى بِالجارِّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلُ﴾ لِأنَّ ذَلِكَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ عَلَّلَ هَذِهِ العِلَّةَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الظّالِمِينَ﴾ أيِ العَرِيقِينِ في هَذا الوَصْفِ ﴿لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ مَكْتُوبٌ لَكم مِنهم مِقْدارُهُ، لا يُغْنِي أحَدٌ مِنهم عَنِ الآخَرِ شَيْئًا، بَلْ كُلٌّ مَقْصُورٌ عَلى ما قُدِّرَ لَهُ، وحِكايَةُ هَذِهِ المُحاوَرَةِ لِتَنْبِيهِ السّامِعِينَ عَلى النَّظَرِ في العَواقِبِ والِاسْتِعْدادِ لِذَلِكَ اليَوْمِ قَبْلَ أنْ لا يَكُونُ إلّا النَّدَمَ وقَرْعَ السِّنِّ وعَضَّ اليَدَ.
{"ayah":"وَقَالَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لَمَّا قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











