الباحث القرآني
ولَمّا كانَ سامِعُ هَذا الكَلامِ يَشْتَدُّ تَشَوُّفُهُ إلى جَوابِهِ، وكانَ أصْلُ الدَّعْوَةِ في كُلِّ مِلَّةِ التَّوْحِيدِ، وكانَ الشّاكُّ فِيهِ شاكًا في اللَّهِ، وكانَ أمْرُ اللَّهِ مِنَ الظُّهُورِ بِحَيْثُ لا يَشُكُّ فِيهِ عاقِلٌ حَكَّمَ عَقْلَهُ مُجَرَّدًا عَنِ الهَوى، ساغَ الإنْكارَ وإيرادَ الكَلامِ عَلى تَقْدِيرِ سُؤالٍ مُعَرًّى مِنَ التَّقْيِيدِ مُبْهَمٍ في قَوْلِهِ: ﴿قالَتْ رُسُلُهُمْ﴾ ولَمّا كانَ ما شَكَوا فِيهِ مِنَ الظُّهُورِ بِحَيْثُ لا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ رَيْبٌ، أنْكَرُوا أنْ يَكُونَ فِيهِ شَكٌّ، لِأنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ إنْكارَ شَكِّهِمْ وشَكِّ غَيْرِهِمْ فَقالُوا: ﴿أفِي اللَّهِ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ ﴿شَكٌّ﴾
ولَمّا كانَ الجَوابُ عامًّا لا يَخُصُّ ناسًا دُونَ ناسٍ، لَمْ يَأْتِ بِصِلَةٍ (p-٣٩٢)فَقالَ بِخِلافِ قَوْلِهِ: ﴿إنْ نَحْنُ إلا بَشَرٌ﴾ [إبراهيم: ١١] ثُمَّ نَبَّهُوهم بِالمَصْنُوعِ عَلى مَقْصُودِ الدَّعْوَةِ مِن وُجُودِ الصّانِعِ وتَفَرُّدِهِ وظُهُورِهِ في قَوْلِهِمْ: ﴿فاطِرِ السَّماواتِ﴾ ولَمّا كانَ المَقامُ لِادِّعاءِ [أنَّهُ] في غايَةِ الظُّهُورِ، لَمْ يَحْتَجْ [إلى تَأْكِيدٍ] بِإعادَةِ العامِلِ، فَقالَ: ﴿والأرْضِ﴾ أيْ عَلى هَذا المِثالِ البَدِيعِ والنَّمَطِ الغَرِيبِ المُنْتَظِمِ الأحْوالِ، الجَمِيلِ العَوائِدِ، والمُتَّسِقِ الفُصُولِ؛ فَلَمّا أوْضَحُوا لَهُمُ الأدِلَّةَ عَلى وحْدانِيَّتِهِ بَيَّنُوا لَهم بِأنَّ ثَمَرَةَ الدَّعْوَةِ خاصَّةٌ بِهِمْ، إنَّهُ لا يَأْباها مِن [لَهُ] أدْنى بَصِيرَةٍ، فَقالُوا: ﴿يَدْعُوكُمْ﴾ أيْ عَلى ألْسِنَتِنا ﴿لِيَغْفِرَ لَكُمْ﴾
ولَمّا كانَ الكافِرُ إنَّما يُدْعى أوَّلًا إلى الإيمانِ، وكانَ الإيمانُ إنَّما يَجِبُ ما كانَ قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي مَعَهم بَيْنَهم وبَيْنَهُ دُونَ المَظالِمِ، قالَ: ﴿مِن ذُنُوبِكُمْ﴾ ولَوْ عَمَّ بِالغُفْرانِ لِأفْهَمَ ذَلِكَ أنَّهم لا يُدْعَوْنَ بَعْدَ الإيمانِ إلى عَمَلٍ أصْلًا ”و“ لا يُفْعَلُ بِكم فِعْلَ مَن تَعْهَدُونَ مِنَ المُلُوكِ في المُعاجَلَةِ بِالإهْلاكِ لِمَن خالَفَهُمْ، بَلْ ”يُؤَخِّرُكم“ وإنْ أخْطَأْتُمْ أوْ تَعَمَّدْتُمْ وتُبْتُمْ ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ عِنْدَهُ سَبْقُ عِلْمِهِ بِهِ، وهو آجالُكم عَلى حَسَبِ التَّفْرِيقِ، ولا يَسْتَأْصِلُكم بِالعَذابِ في (p-٣٩٣)آنٍ واحِدٍ كَما فَعَلَ بِمَن ذَكَرَ مِنَ الأُمَمِ.
فَلَمّا بَيَّنَ لَهُمُ الأصِيلَ بِدَلِيلِهِ فَرَوَّعَ عَلَيْهِ ما لا رَيْبَ فِيهِ في قَصْرِ نَفْعِهِ عَلَيْهِمْ، عَلِمُوا أنَّهُ لا يَتَهَيَّأُ لَهم عَنْ ذَلِكَ جَوابٌ فَأعْرَضُوا عَنْهُ إلى [أنْ] ”قالُوا“عِنادًا ”إنَّ“ أيْ ما ﴿أنْتُمْ﴾ أيْ أيُّها الرُّسُلُ ﴿إلا بَشَرٌ﴾ وأكَّدُوا ما أرادُوا مِن نَفْيِ الِاخْتِصاصِ فَقالُوا: ”مِثْلُنا“ يُرِيدُونَ: فَما وجْهُ تَخْصِيصِكم بِالرِّسالَةِ دُونَنا؟ [ثُمَّ] كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَكانَ ماذا؟ فَقالُوا: ﴿تُرِيدُونَ أنْ تَصُدُّونا﴾ أيْ تَلْفِتُونا وتَصْرِفُونا ﴿عَمّا كانَ﴾ أيْ كَوْنًا هو كالجِبِلَّةِ، وأكَّدُوا هَذا المَعْنى لِلتَّذْكِيرِ بِالحالِ الماضِيَةِ بِالمُضارِعِ فَقالُوا: ﴿يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ أيْ أنَّكم - لِكَوْنِكم مِنَ البَشَرِ الَّذِينَ يَقَعُ بَيْنَهُمُ التَّحاسُدُ - حَسَدْتُمُونا عَلى اتِّباعِ [الآباءِ] وقَصَدْتُمْ تَرْكَنا [لَهُ] لِنَكُونَ لَكم تَبْعًا ﴿فَأْتُونا﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ - عَنْ كَوْنِنا لَمْ نَرَ لَكم فَضْلًا وإبْدائُنا مِن إرادَتِكم ما يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ مانِعًا - أنْ نَقُولَ لَكُمُ: ائْتُونا لِنَتَّبِعَكم ﴿بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ أيْ حُجَّةً واضِحَةً تُلْجِئُنا إلى تَصْدِيقِكم مِمّا نَقْتَرِحُهُ عَلَيْكُمْ، وهَذا تَعَنُّتٌ مَحْضٌ فَإنَّهم جَدِيرُونَ (p-٣٩٤)بِأنْ يُعْرِضُوا عَنْ كُلِّ سُلْطانٍ يَأْتُونَهم بِهِ كائِنًا ما كانَ كَما ألْغَوْا ما أتَوْا هم بِهِ مِنَ البَيِّناتِ فَلَمْ يَعْتَدُّوا [بِهِ]،
{"ayah":"۞ قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِی ٱللَّهِ شَكࣱّ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یَدۡعُوكُمۡ لِیَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَیُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ قَالُوۤا۟ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُنَا تُرِیدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق