الباحث القرآني

ولَمّا تَمَّ ما أرادَ مِمّا يَتَعَلَّقُ بِتَألُّفِهِمْ، وخَتَمَ بِأنَّهُ سُبْحانَهُ يَفْعَلُ (p-٣٦٣)ما يَشاءُ مِن تَقْدِيمٍ وتَأْخِيرٍ ومَحْوٍ وإثْباتٍ، وكانَ مِن مُقْتَرَحاتِهِمْ وطَلَباتِهِمُ اسْتِهْزاءُ اسْتِعْجالِ السَّيِّئَةِ مِمّا تَوَعَّدُوا بِهِ، وكانَتِ النَّفْسُ رُبَّما تَمَنَّتْ وُقُوعَ ذَلِكَ لِلْبُعْضِ وإثْباتَهُ لِيُؤْمِنَ غَيْرُهُ تَقْرِيبًا لِفَصْلِ النِّزاعِ، قالَ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿وإنْ ما نُرِيَنَّكَ﴾ أكَّدَهُ لِتَأْكِيدِ الإعْلامِ بِأنَّهُ لا حَرَجَ عَلَيْهِ في ضَلالَةِ مَن ضَلَّ [بَعْدَ] إبْلاغِهِ، نَفِيًا لِما يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ ﷺ شِدَّةُ رَحْمَتِهِ لَهم وشَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ مِن ظَنٍّ أنَّهُ عَلَيْهِ أنْ يَرُدَّهم إلى الحَقِّ حَتْمًا ﴿بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ وأنْتَ حَيٌّ مِمّا تُرِيدُ أوْ يُرِيدُ أصْحابُكَ، فَصَلَ الأمْرَ بِهِ فَثَبَتَ وُقُوعُهُ إقْرارًا لِأعْيُنِكم قَبْلَ وفاتِكَ؛ والوَعْدُ: الخَبَرُ عَنْ خَيْرٍ مَضْمُونٍ، والوَعِيدُ: الخَبَرُ عَنْ شَرٍّ مَضْمُونٍ، والمَعْنى هاهُنا عَلَيْهِ، وسَمّاهُ وعْدًا لِتَنْزِيلِهِمْ إيّاهُ في طَلَبِ نُزُولِهِ مَنزِلَةَ الوَعْدِ ﴿أوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ قَبْلَ أنْ نُرِيَكَ ذَلِكَ، وهو مَمْحُوُّ الأثَرِ لَمْ يَتَحَقَّقْ، فالَّذِي عَلَيْكَ والَّذِي إلَيْنا مُسْتَوٍ بِالنِّسْبَةِ إلى كِلْتا الحالَتَيْنِ ﴿فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ﴾ وهو إمْرارُ الشَّيْءِ إلى مُنْتَهاهُ، وهو هُنا الرِّسالَةُ؛ ولَيْسَ عَلَيْكَ أنْ تُحارِبَهم ولا أنْ تَأْتِيَهم بِالمُقْتَرَحاتِ ﴿وعَلَيْنا الحِسابُ﴾ وهو جَزاءُ كُلِّ عامِلٍ بِما عَمِلَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، ولَنا القُوَّةُ التّامَّةُ عَلَيْهِ؛ والآيَةُ (p-٣٦٤)مِنَ الِاحْتِباكِ - كَما مَضى بَيانُ ذَلِكَ في مِثْلِها مِن [سُورَةِ يُونُسَ] عَلَيْهِ السَّلامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب