الباحث القرآني

ولَمّا حُسِمَتِ الأطْماعُ عَنْ إجابَتِهِمْ رَجاءَ الِاتِّباعِ أوْ خَشْيَةَ الِامْتِناعِ، وكانَ بَعْضُهم قَدْ قالَ: لَوْ كانَ نَبِيًّا شَغَلَتْهُ نُبُوَّتُهُ عَنْ كَثْرَةِ التَّزَوُّجِ، كانَ مَوْضِعَ تَوَقُّعِ الخَبَرِ عَمّا كانَ لِلرُّسُلِ في نَحْوِ ذَلِكَ، فَقالَ تَعالى: ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿رُسُلا﴾ ولَمّا كانَتْ أزْمانُ الرُّسُلِ غَيْرَ عامَّةٍ لِزَمانِ القَبْلِ، أدْخَلَ الجارَّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ أيْ ولَمْ نَجْعَلْهم مَلائِكَةً بَلْ جَعَلْناهم بَشَرًا، ”و“ أثْقَلْنا ظُهُورَهم بِما يَدْعُو إلى (p-٣٦٠)المُداراةِ والمُسالَمَةِ بِإرْضاءِ الأُمَمِ في بَعْضِ أهْوائِهِمْ، أوْ فَصْلِ الأمْرِ عِنْدَ تَحَقُّقِ المُصارَمَةِ بِإنْجازِ الوَعِيدِ بِأنْ ”جَعْلنا“ أيْ بِعَظَمَتِنا ﴿لَهم أزْواجًا﴾ أيْ نِساءً يَنْكِحُونَهُنَّ؛ والزَّوْجُ: القَرِينُ مِنَ الذَّكَرِ والأُنْثى، وهو هُنا الأُنْثى ”وذَرِّيَّةٌ“ وهي الجَماعَةُ المُتَفَرِّقَةُ بِالوِلادَةِ عَنْ أبٍ واحِدٍ في الجُمْلَةِ، وفَعَلَ بِهِمْ أُمَمُهم ما يُفْعَلُ بِكَ مِنَ الِاسْتِهْزاءِ، فَما اتَّبَعَ أحَدٌ مِنهم شَيْئًا مِن أهْواءِ أُمَّتِهِ ”و“ لَمْ نَجْعَلْ إلَيْهِمُ الإتْيانَ بِما يَقْتَرِحُ المُتَعَنِّتُونَ مِنَ الآياتِ تالِفًا لَهُمْ، بَلْ ﴿وما كانَ لِرَسُولٍ﴾ أيْ رَسُولٍ كانَ ﴿أنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ﴾ مُقْتَرَحَةٍ أوْ آيَةٍ ناسِخَةٍ لِحُكْمٍ مِن أحْكامِ شَرِيعَتِهِ أوْ شَرِيعَةٍ مِن قَبْلِهِ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ ﴿إلا بِإذْنِ اللَّهِ﴾ أيِ المُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وقُدْرَةً، فَإنَّ الأُمُورَ عِنْدَهُ لَيْسَتْ [عَلى] غَيْرِ نِظامٍ ولا مُفْرِطًا فِيها ولا ضائِعًا شَيْءٌ مِنها [بَلْ] ﴿لِكُلِّ أجَلٍ﴾ أيْ غايَةِ أمْرٍ قَدَّرَهُ وحْدَهُ لِأنْ يَكُونُ عِنْدَهُ أمْرُ مِنَ الأُمُورِ ”كِتابٌ“ قَدْ أثْبَتَ فِيهِ أنَّ أمْرَ كَذا يَكُونُ في وقْتِ كَذا مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ والأحْكامِ والإيَتانِ بِالآياتِ وغَيْرِها، إثْباتًا ونَسْخًا عَلى ما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ، والحِكْمَةُ اقْتَضَتْ أنَّ النُّبُوَّةَ يَكْفِي في إثْباتِها مُعْجِزَةٌ واحِدَةٌ، وما زادَ عَلى ذَلِكَ فَهو إلى المَشِيئَةِ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب