الباحث القرآني

ثُمَّ أبْدَلَ مِنهم ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ أوْجَدُوا هَذا الوَصْفَ ﴿وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ﴾ أيْ تَسْكُنُ وتَسْتَأْنِسُ إلى الدَّلِيلِ بَعْدَ الِاضْطِرابِ بِالشُّكُوكِ لِإيجادِهِمُ الطُّمَأْنِينَةَ بَعْدَ صِفَةِ الإيمانِ إيجادًا مُسْتَمِرًّا دالًّا عَلى ثَباتِ إيمانِهِمْ لِتَرْكِ العِنادِ، وهَذا المُضارِعُ في هَذا التَّرْكِيبِ مِمّا لا يُرادُ بِهِ حالٌ ولا اسْتِقْبالٌ، إنَّما يُرادُ بِهِ الِاسْتِمْرارُ عَلى المَعْنى مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الأزْمِنَةِ ﴿بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ الَّذِي هو أعْظَمُ الآياتِ في أنَّ المَذْكُورَ مُسْتَجْمِعٌ لِصِفاتِ الكَمالِ، فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذِكْرُ المَشِيئَةِ أوَّلًا دالٌّ عَلى حَذْفِها ثانِيًا، وذِكْرُ الإنابَةِ ثانِيًا دالٌّ عَلى حَذْفِ ضِدِّها أوَّلًا. ولَمّا كانَ ذَلِكَ مَوْضِعَ أنْ يَقُولَ المُعانِدُ: ومَن يَطْمَئِنُّ بِذَلِكَ؟ [قالَ]: ﴿ألا بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الجَلالُ والإكْرامُ، (p-٣٣٧)لا بِذِكْرِ غَيْرِهِ ﴿تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ فَتَسْكُنُ عَنْ طَلَبِ غَيْرِهِ آيَةُ غَيْرِهِ، والذِّكْرُ: حُضُورُ المَعْنى لِلنَّفْسِ، وذَلِكَ إشارَةٌ إلى أنَّ مَن لَمْ يَطْمَئِنُّ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ قَلْبٌ فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونَ في قَلْبِهِ عَقْلٌ، بَلْ هو مِنَ الجَماداتِ، أوْ إلى أنَّ كُلَّ قَلْبٍ يَطْمَئِنُّ بِهِ، فَمَن أخْبَرَ عَنْ قَلْبِهِ بِخِلافِ ذَلِكَ فَهو كاذِبٌ مُعانِدٌ، ومَن أذْعَنَ وعَمِلَ بِمُوجِبِ الطُّمَأْنِينَةِ فَهو مُؤْمِنٌ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب