الباحث القرآني

(p-٣٢٥)ولِما تَمَّ ما لِلْحَقِّ والباطِلِ في أنْفُسِهِمْ مِنَ الثَّباتِ والِاضْطِرابِ، ذَكَرَ ما لِأهْلِهِما مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ جَوابًا لِمَن كَأنَّهُ قالَ: [ما] لِمَن تَدَبَّرَ هَذِهِ الأمْثالَ، وأبْعَدَ عَمّا أشارَتْ إلَيْهِ مِنَ الضَّلالِ، أوْ حادَ عَمّا دَعَتْ إلَيْهِ ومالَ؟ فَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا﴾ أيْ طَلَبُوا مِن أنْفُسِهِمُ الإجابَةَ وأوْجَدُوها ﴿لِرَبِّهِمُ﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيْهِمْ شُكْرًا لَهُ، الحالَةُ ﴿الحُسْنى﴾ أيِ العَظِيمَةُ في الحُسْنِ، وهي القَرارُ في الجَنَّةِ فَهو جَزاؤُهُمْ؛ قالَ أبُو حَيّانَ: وذَلِكَ هو النَّصْرُ في الدُّنْيا وما اخْتَصُّوا بِهِ مِن نِعَمِهِ تَعالى ودُخُولِ الجَنَّةِ في الآخِرَةِ - انْتَهى. وقَدْ تَقَدَّمَ في [سُورَةِ يُونُسَ ] عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّهم يُزادُونَ ما لا يَعْلَمُ قَدْرَهُ إلّا الَّذِي فَعَلُوا ذَلِكَ خَوْفَ عِقابِهِ ورَجاءَ ثَوابِهِ. ولَمّا ذَكَرَ ما لِلطّائِعِينَ، أتْبَعُهُ جَزاءَ العاصِينَ، فَقالَ مُبْتَدِئًا: ﴿والَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا﴾ أيْ يَرْغَبُوا في إيجادِ الإجابَةِ ”لَهُ“ وأخْبَرَ عَنْ هَذا الِابْتِداءِ قَوْلُهُ مُعْلِمًا بِأنَّ اسْتِعْجالَهم بِالعَذابِ بِاسْتِعْجالِهِمْ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ جَراءَةً مِنهم ناشِئَةً عَنْ جَهْلٍ صِرْفٍ تَزُولُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ عَذابَهُ سُبْحانَهُ، فَيُبَلِّغُونَ حِينَئِذٍ بِالِافْتِداءِ غايَةَ الذُّلِّ فَلا يُقْبَلُ مِنهم -: ﴿لَوْ أنَّ لَهُمْ﴾ (p-٣٢٦)أيْ [ في - ] مِلْكِهِمْ وتَحْتَ قُدْرَتِهِمْ ﴿ما في الأرْضِ﴾ وأكَّدَ بِقَوْلِهِ: ﴿جَمِيعًا ومِثْلَهُ﴾ وأوْضَحَ بِقَوْلِهِ: ﴿مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ﴾ أيْ جَعَلُوا فِكاكَ أنْفُسِهِمْ بِغايَةِ جُهْدِهِمْ، وأكَّدَهُ لِادِّعاءِ الكَفَرَةِ أنَّهم لا يَذِلُّونَ لِشَيْءٍ ولا يُوهِنُ قُواهم شَيْءٌ، والِافْتِداءُ: جَعْلُ أحَدِ الشَّيْئَيْنِ بَدَلًا مِنَ الآخَرِ عَلى جِهَةِ الِاتِّقاءِ بِهِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: ما الَّذِي دَهاهم حَتّى كانَ هَذا حالَهُمْ؟ فَقِيلَ - دَلالَةً عَلى أنَّهُ لا يَقْبَلُ مِنهُمُ الفِداءَ ولَوْ عَظُمَ -: ﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ البُعَداءُ البَغْضاءُ ﴿لَهم سُوءُ الحِسابِ﴾ والحِسابُ: إحْصاءُ ما عَلى العَبْدِ ولَهُ، وسُوءُ المُؤاخَذَةِ، وعَدَمُ العَفْوِ عَنْ شَيْءٍ ﴿ومَأْواهُمْ﴾ أيْ مُسْتَقَرَّهم ﴿جَهَنَّمُ﴾ أيِ الطَّبَقَةُ الَّتِي تَلْقى داخِلَها بِالتَّجَهُّمِ والعَبُوسَةَ. ولَمّا كانَ المَأْوى إنَّما يَأْوِي إلَيْهِ صاحِبُهُ لِلرّاحَةِ فِيهِ بِالِاتِّكاءِ عَلى فَرْشٍ ونَحْوِهِ، قالَ مُعَبِّرًا بِمَجْمَعِ المَذامِّ: ﴿وبِئْسَ المِهادُ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب