الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ذَلِكَ، وكانَ عِنْدَهم أنَّ الشّاغِلَ الأعْظَمَ لِأبِيهِمْ عَنْهم إنَّما هو حُبُّ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وحُبُّ أخِيهِ إنَّما هو تابِعٌ، كانَ كَأنَّهم تَراجَعُوا فِيما بَيْنَهم فَقالُوا: قَدْ تَقَرَّرَ هَذا، فَما أنْتُمْ صانِعُونَ؟ فَقالُوا أوْ ما شاءَ اللَّهُ مِنهُمْ: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ أصْلُ القَتْلِ: إماتَةُ الحَرَكَةِ بِالسُّكُونِ ﴿أوِ اطْرَحُوهُ أرْضًا﴾ أوْصَلُوا الفِعْلَ بِدُونِ حَرْفٍ ونَكَّرُوها دَلالَةً عَلى أنَّها مَنكُورَةٌ مَجْهُولَةٌ بِحَيْثُ يَهْلَكُ فِيها، وعَنى قائِلُهم بِذَلِكَ: إنْ تَوَرَّعْتُمْ عَنْ مُباشَرَةِ قَتْلِهِ بِأيْدِيكم. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: إنْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ، أجابَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَخْلُ لَكُمْ﴾ أيْ خاصًّا بِكم ﴿وجْهُ أبِيكُمْ﴾ أيْ قَصْدُهُ لَكم وتَوَجُّهُهُ إلَيْكم وقَصْدُكم (p-٢٤)ونِيَّتُكم. ولَمّا كانَ أهْلُ الدِّينِ لا يُهْمِلُونَ إصْلاحَ دِينِهِمْ لِأنَّهُ مَحَطُّ أمْرِهِمْ، قالُوا: ﴿وتَكُونُوا﴾ أيْ: كَوْنًا هو في غايَةِ التَّمَكُّنِ، ولَمّا كانُوا عالِمِينَ بِأنَّ المَوْتَ لا بُدَّ مِنهُ. فَهو مانِعٌ مِنَ اسْتِغْراقِهِمْ لِلزَّمانِ الآتِي، أدْخَلُوا الجارَّ فَقالُوا: ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أيْ: يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿قَوْمًا﴾ أيْ ذَوِي نَشاطٍ وقُوَّةٍ عَلى مُحاوَلَةِ الأُمُورِ ﴿صالِحِينَ﴾ أيْ: عَرِيقَيْنِ في وصْفِ الصَّلاحِ مُسْتَقِيمِينَ عَلى طَرِيقَةٍ تَدْعُو إلى الحِكْمَةِ بِوُقُوعِ الأُلْفَةِ بَيْنَكم واسْتِجْلابِ مَحَبَّةِ الوالِدِ بِالمُبالَغَةِ في بَرِّهِ وبِالتَّوْبَةِ مِن ذَنْبٍ واحِدٍ يَكُونُ سَبَبًا لِزَوالِ المُوجِبِ لِداءِ الحَسَدِ المَلْزُومِ لِذُنُوبٍ مُتَّصِلَةٍ مِنَ البَغْضاءِ والمُقاطَعَةِ والشَّحْناءِ، فَعَزَمُوا عَلى التَّوْبَةِ قَبْلَ وُقُوعِ الذَّنْبِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب