الباحث القرآني

فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما قالَ لَهُمْ؟ فَقِيلَ: ﴿قالَ بَلْ﴾ أيْ لَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ، لَمْ تَصِحَّ نِسْبَةُ ابْنِي إلى السَّرِقَةِ ظاهِرًا ولا باطِنًا، أيْ [لَمْ] يَأْخُذُ شَيْئًا مِن صاحِبِهِ في خَفاءٍ بَلْ ﴿سَوَّلَتْ﴾ أيْ زَيَّنَتْ تَزْيِينًا فِيهِ غَيٌّ ﴿لَكم أنْفُسُكم أمْرًا﴾ أيْ حَدَّثْتُكم بِأمْرٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، والأمْرُ: الشَّيْءُ الَّذِي مِن شَأْنِهِ أنْ تَأْمُرَ (p-١٩٥)النَّفْسُ بِهِ، وكِلا الأمْرَيْنِ صَحِيحٌ، أمّا النَّفْيُ فَواضِحٌ، لِأنَّ بِنْيامِينَ لَمْ يَسْرِقِ الصُّواعَ ولا هَمَّ بِذَلِكَ، ولِذَلِكَ لَمْ يَنْسُبُهُ يُوسُفُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ولا مُنادِيهِ إلى ذَلِكَ بِمُفْرَدِهِ، وأمّا الإثْباتُ فَأوْضَحُ، لِأنَّهُ لَوْلا فِعْلُهم بِيُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَما سَوَّلَتْ لَهم فِيهِ أنْفُسُهم لَمْ يَقَعْ هَذا الأمْرُ لِبِنْيامِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ مِنِّي، لِأنَّ ظَنِّي في اللَّهِ جَمِيلٌ، وفي قَوْلِهِ: ﴿عَسى اللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا ﴿أنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ﴾ أيْ بِيُوسُفَ وشَقِيقِهِ بِنْيامِينَ ورُوبِيلَ ﴿جَمِيعًا﴾ ما يَدُلُّ الفَطِنُ عَلى أنَّهُ تَفَرَّسَ أنَّ هَذِهِ الأفْعالَ نَشَأتْ عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأنَّ الأمْرَ إلى سَلامَةٍ واجْتِماعٍ؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّهُ هُوَ﴾ أيْ وحْدَهُ ﴿العَلِيمُ﴾ أيِ البَلِيغُ العِلْمِ بِما خَفِيَ عَلَيْنا مِن ذَلِكَ، فَيَعْلَمُ أسْبابَهُ المُوصِلَةَ إلى المَقاصِدِ ﴿الحَكِيمُ﴾ أيِ البَلِيغُ في إحْكامِ الأُمُورِ في تَرْتِيبِ الأسْبابِ بِحَيْثُ لا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى نَقْضِ ما أبْرَمَهُ مِنها، وتَرْتِيبِ الوَصْفَيْنِ عَلى غايَةِ الإحْكامِ - كَما تَرى - لِأنَّ الحالَ داعٍ إلى العِلْمِ بِما غابَ مِنَ الأسْبابِ أكْثَرُ مِن دُعائِهِ إلى مَعْرِفَةِ حِكْمَتِها؛ قالَ هَذِهِ المَقالَةَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب