الباحث القرآني

ولَمّا أعْلَمَنا سُبْحانَهُ أنَّهُ رَغَّبَهم في شَأْنِ أخِيهِ، ورَهَّبَهم بِالقَوْلِ، أعْلَمَنا بِأنَّهُ رَغَّبَهم فِيهِ بِالفِعْلِ، فَقالَ عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ الماضِي لَهُمْ: ”وقالَ“ أيْ يُوسُفُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ شَفَقَةً عَلى إخْوَتِهِ وإرادَةً لِنُصْحِهِمْ فِيما سَألَهم فِيهِ: ﴿لِفِتْيانِهِ﴾ أيْ غِلْمانِهِ، وأصْلُ الفَتى: الشّابُّ القَوِيُّ، وسَيَأْتِي شَرْحُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٥] ﴿اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ﴾ أيْ ما بَضَعُوهُ أيْ قَطَعُوهُ مِن مالِهِمْ لِلتِّجارَةِ وأخَذْناهُ مِنهم ثَمَنًا لِطَعامِهِمُ الَّذِي دَفَعْناهُ لَهم ﴿فِي رِحالِهِمْ﴾ أيْ عُدُولِهِمْ؛ والرَّحْلُ: ما أُعِدَّ لِلرَّحِيلِ مِن وِعاءٍ أوْ مَرْكِبٍ ﴿لَعَلَّهم يَعْرِفُونَها﴾ أيْ بِضاعَتَهُمْ؛ وعَبَّرَ بِأداةِ التَّحَقُّقِ تَفاؤُلًا لَهم بِالسَّلامَةِ، أوْ ظَنًّا، أوْ عِلْمًا بِالوَحْيِ، فَقالَ: ﴿إذا انْقَلَبُوا﴾ راجِعِينَ ﴿إلى أهْلِهِمْ﴾ أيْ يَعْرِفُونَ أنَّها هي بِعَيْنِها، رَدَدْتُها (p-١٥٢)عَلَيْهِمْ إحْسانًا [إلَيْهِمْ]، ويَجْزِمُونَ بِذَلِكَ، ولا يَظُنُّونَ أنَّ اللَّهَ أخْلَفَ عَلَيْهِمْ مِثْلَها نَظَرًا إلى حالِهِمْ وكَرامَةً لِأبِيهِمْ، ويَعْرِفُونَ هَذِهِ النِّعْمَةَ لِي ﴿لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ أيْ لِيَكُونَ حالُهم وحالُ مَن يَرْجِعُ إلَيْنا إذا عَرَفُوها، لِرَدِّها تَوَرُّعًا، أوْ لِلْمِيرَةِ بِها إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهم غَيْرُها، أوْ طَمَعًا في مِثْلِ هَذا، وإنَّما لَمْ يُبادِرْ إلى تَعْرِيفِهِمْ بِنَفْسِهِ والتَّعْجِيلِ بِإدْخالِ السُّرُورِ عَلى أبِيهِ، لِأنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ عادَةً - لِما يَأْتِي مِنَ الحِكَمِ البالِغَةِ والتَّدْبِيرِ المَتِينِ، ودَلَّ عَلى إسْراعِهِمْ في الرُّجُوعِ بِالفاءِ فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب