الباحث القرآني

ولَمّا كانَ المَعْنى - كَما تَقَدَّمَ: فَجَعَلَ إلَيْهِ خَزائِنَ الأرْضِ، فَجاءَتِ السُّنُونُ المُخَصِّبَةُ، فَدَبَّرَها بِما عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ جاءَتِ السُّنُونُ المُجْدِبَةُ فَأجْدَبَتْ جَمِيعَ أرْضِ مِصْرَ وما والاها مِن بِلادِ الشّامِ وغَيْرِها، فَأخْرَجَ ما كانَ ادَّخَرَهُ مِن غِلالٍ سَبْعِ سِنِينَ بِالتَّدْرِيجِ أوَّلًا فَأوَّلًا - كَما حَدَّ لَهُ ”العَلِيم الحَكِيم“ فَتَسامَعَ بِهِ النّاسُ فَجاءُوا لِلِامْتِيارِ مِنهُ مِن كُلِّ أوْبٍ ﴿وجاءَ إخْوَةُ يُوسُفَ﴾ العَشْرَةُ لِذَلِكَ، وحَلِفَ أبُوهم بِنْيامِينُ أخا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأُمِّهِ عِنْدَهُ، ودَلَّ عَلى تَسْهِيلِهِ إذْنَهم بِالفاءِ [فَقالَ]: ﴿فَدَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ أيْ لِأنَّهُ كانَ يُباشِرُ الأُمُورَ بِنَفْسِهِ كَما هو فِعْلُ الكُفاةِ الحُزْمَةِ، لا يَثِقُ فِيهِ بِغَيْرِهِ ﴿فَعَرَفَهُمْ﴾ لِأنَّهُ كانَ مُرْتِقَبًا لِحُضُورِهِمْ لِعِلْمِهِ بِجَدْبِ بِلادِهِمْ وعَقْدِ هِمَّتِهِ بِهِمْ. مَعَ كَوْنِهِ يَعْرِفُ هَيْئاتِهِمْ في لِباسِهِمْ [وغَيْرِهِ]، ولَمْ يَتَغَيَّرْ [عَلَيْهِ] كَبِيرٌ مِن حالِهِمْ. لِمُفارَقَتِهِ إيّاهم رِجالًا ﴿وهم لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ ثابِتُ إنْكارِهِمْ عَرِيقٌ فِيهِمْ وصْفُهم بِهِ، لِعَدَمِ خُطُورِهِ بِبالِهِمْ لِطُولِ العَهْدِ، مَعَ ما تَغَيَّرَ عَلَيْهِمْ مِن هَيْئَتِهِ بِالسِّنِّ وانْضافَ إلَيْهِ مِنَ الحَشَمِ والخَدَمِ واللِّباسِ وهَيْئَةِ البَلَدِ وهَيْبَةِ المَلِكِ (p-١٤٦)وعِزِّ السُّلْطانِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا يُنْكِرُ مَعَهُ المَعْرُوفَ، ويَسْتَوْحِشُ لِأجْلِهِ مِنَ المَأْلُوفِ، وفْقَ ما قالَ تَعالى ﴿لَتُنَبِّئَنَّهم بِأمْرِهِمْ هَذا وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ [يوسف: ١٥] والدُّخُولُ: الِانْتِقالُ إلى مُحِيطٍ، والمَعْرِفَةُ: تُبَيِّنُ الشَّيْءَ بِالقَلْبِ بِما لَوْ شُوهِدَ لَفَرَّقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ مِمّا لَيْسَ عَلى خاصِّ صِفَتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب