الباحث القرآني

ولَمّا انْجَلى الأمْرُ، أمَرَ المَلِكُ بِإحْضارِهِ، لِيَسْتَعِينَ بِهِ فِيما إلَيْهِ مِنَ المَلِكِ، لَكِنْ لَمّا كانَتْ بَراءَةُ الصَّدِيقِ أهَمَّ مِن ذَلِكَ - وهي المَقْصُودُ مِن رَدِّ (p-١٢٨)الرَّسُولِ - قَدَّمَ بَقِيَّةَ الكَلامِ فِيها عَلَيْهِ، ولِيَكُونَ كَلامُهُ في بَراءَتِهِ مُتَّصِلًا بِكَلامِ النِّسْوَةِ في ذَلِكَ، والَّذِي دَلَّ عَلى أنَّ ذَلِكَ كَلامَهُ ما فِيهِ مِنَ الحِكَمِ الَّتِي لا يَعْرِفُها في ذَلِكَ الزَّمانِ غَيْرُهُ، فَقالَ - بِناءً عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فَلَمّا رَجَعَ الرَّسُولُ إلى يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَأخْبَرَهُ بِشَهادَتِهِنَّ بِبَراءَتِهِ قالَ -: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الخُلُقُ العَظِيمُ في تَثَبُّتِي في السِّجْنِ إلى أنَّ تَبَيُّنَ الحَقِّ ”لِيَعْلَمَ“ العَزِيزُ عِلْمًا مُؤَكَّدًا ﴿أنِّي لَمْ أخُنْهُ﴾ أيْ في أهْلِهِ ولا في غَيْرِها ﴿بِالغَيْبِ﴾ أيْ والحالُ أنَّ كُلًّا مِنّا غائِبٌ عَنْ صاحِبِهِ ”و“ لِيَعْلَمَ بِإقْرارِها وهي في الأمْنِ والسِّعَةِ، وتَثَبُّتِي وأنا في مَحَلِّ الضِّيقِ والخَوْفِ ما مِن شَأْنِهِ الخَفاءُ عَنْ كُلِّ مَن لَمْ يُؤَيِّدْهُ اللَّهُ بِرَوْحٍ مِنهُ مِن ”إنَّ اللَّهَ“ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِأوْصافِ الكَمالِ ﴿لا يَهْدِي﴾ أيْ يُسَدِّدُ ويَنْجَحُ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ ﴿كَيْدَ الخائِنِينَ﴾ أيِ العَرِيقِينَ في الخِيانَةِ، بَلْ لا بُدَّ أنْ يُقِيمَ سَبَبًا لِظُهُورِ الخِيانَةِ وإنِ اجْتَهَدَ الخائِنُ في التَّعْمِيَةِ؛ والخِيانَةُ: مُخالَفَةُ الحَقِّ بِنَقْضِ العَهْدِ العامِّ. وضِدُّها الأمانَةُ، والغَدْرُ: نَقْضُهُ خاصًّا، والمَعْنى أنِّي لَمّا كُنْتُ بَرِيئًا سَدَّدَ اللَّهُ أمْرِي، وجَعَلَ عاقِبَتِي إلى خَيْرٍ كَبِيرٍ وبَراءَةٍ تامَّةٍ، ولَمّا كانَ غَيْرِي خائِنًا، أنْطَقَهُ اللَّهُ بِالإقْرارِ بِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب