الباحث القرآني
ولَمّا كانَ الجَوابُ لِكُلِّ مَن يَعْقِلُ: اللَّهُ خَيْرٌ، أشارَ إلى ذَلِكَ بِجَزْمِ القَوْلِ بَعْدَ ذَلِكَ الِاسْتِفْهامُ في سَلْبِ صَلاحِيَتِهِمْ قَبْلَ هَذا الإمْكانِ بِعَدَمِ حَياتِهِمْ، وعَلى تَقْدِيرِ حَياتِهِمْ بِعَجْزِهِمْ، فَقالَ: ﴿ما تَعْبُدُونَ﴾ والعِبادَةُ: خُضُوعٌ بِالقَلْبِ في أعْلى مَراتِبِ الخُضُوعِ، وبَيْنَ حَقارَةِ مَعْبُوداتِهِمْ وسُفُولِها بِقَوْلِهِ: ﴿مِن دُونِهِ﴾ أيِ [اللَّهُ -] الَّذِي قامَ بُرْهانُ التَّمانُعِ - الَّذِي هو البُرْهانُ الأعْظَمُ - عَلى إلَهِيَّةٍ وعَلى اخْتِصاصِهِ بِذَلِكَ ﴿إلا أسْماءً﴾ وبَيَّنَ ما يُرِيدُ وأوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿سَمَّيْتُمُوها﴾ أيْ ذَواتٍ أوْجَدْتُمْ لَها أسْماءَ ﴿أنْتُمْ وآباؤُكُمْ﴾ لا مَعانِيَ [لَها -]، لِأنَّهُ لا أرْواحَ لَها فَضْلًا عَنْ أنْ تَتَحَقَّقَ بِمَعْنى ما سَمَّيْتُمُوها بِهِ مِنَ الإلَهِيَّةِ، وإنْ كانَ لَها أرْواحٌ فَهي مُنْتَفٍ عَنْها خاصَّةً الإلَهِيَّةُ، وهي الكَمالُ المُطْلَقُ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ (p-٨٩)إحاطَةَ العِلْمِ والقُدْرَةِ.
ولَمّا كانَ مَقْصُودُ السُّورَةِ وصْفَ الكِتابِ بِالإبانَةِ لِلْهُدى، وكانَ نَفْيُ الإنْزالِ كافِيًا في الإبانَةِ، لِأنَّ عِبادَةَ الأصْنامِ باطِلَةٌ، ولَمْ يَكُنْ في السِّياقِ كالأعْرافِ مُجادَلَةً تُوجِبُ مُماحَكَةً ومُماطَلَةً ومُعالَجَةً ومُطاوَلَةً، قالَ نافِيًا لِلْإنْزالِ بِأيِّ وصْفٍ كانَ: ﴿ما أنْـزَلَ اللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطِ عِلْمًا وقُدْرَةً.
فَلا أمْرَ لِأحَدٍ مَعَهُ ”بِها“ وأعْرَقَ في النَّفْيِ فَقالَ: ﴿مِن سُلْطانٍ﴾ أيْ بُرْهانٍ تَتَسَلَّطُ بِهِ عَلى تَعْظِيمِها، فانْتَفى تَعْظِيمُها لِذاتِها أوْ لِغَيْرِها، وصارَ حاصِلُ الدَّلِيلِ: لَوْ كانُوا أحْياءً يَحْكُمُونَ لَمْ يَصْلُحُوا لِلْإلَهِيَّةِ، لِإمْكانِ تَمانُعِهِمُ المُؤَدِّي إلى إمْكانِ عَجْزِ كُلٍّ مِنهُمُ المَلْزُومَ لِأنَّهم لا صَلاحِيَةَ فِيهِمْ لِلْإلَهِيَّةِ، لَكِنَّهم لَيْسُوا أحْياءً، فَهم أجْدَرُ بِعَدَمِ الصَّلاحِيَةِ، فَعَلِمَ قَطْعًا أنَّهُ لا حُكْمَ لِمَقْهُورٍ، وأنَّ كُلَّ مَن يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ لَهُ ثانٍ مَقْهُورٌ؛ فَأُنْتِجَ هَذا قَطْعًا أنَّ الحُكْمَ إنَّما هو لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ، وهو لَمْ يَحْكم بِتَعْظِيمِها؛ وذَلِكَ مَعْنى قَوْلِهِ: ”إنَّ“ أيْ ما ﴿الحُكْمُ إلا لِلَّهِ﴾ أيِ المُخْتَصِّ بِصِفاتِ الكَمالِ؛ والحُكْمُ: فَصْلُ الأمْرِ بِما تَدْعُو إلَيْهِ الحِكْمَةُ.
ولَمّا انْتَقى الحُكْمُ عَنْ غَيْرِهِ، وكانَ ذَلِكَ كافِيًا في وُجُوبِ تَوْحِيدِهِ، رَغْبَةً فِيما عِنْدَهُ، ورَهْبَةً مِمّا بِيَدِهِ، أتْبَعَهُ تَأْكِيدًا لِذَلِكَ وإلْزامًا بِهِ (p-٩٠)أنَّهُ حَكَمَ بِهِ، فَقالَ: ﴿أمَرَ ألا تَعْبُدُوا﴾ أيْ أيُّها الخَلْقُ في وقْتٍ مِنَ الأوْقاتِ عَلى حالٍ مِنَ الأحْوالِ ﴿إلا إيّاهُ﴾ أيْ وهو النّافِذُ الأمْرَ المُطاعَ الحَكَمَ.
ولَمّا قامَ [هَذا -] الدَّلِيلُ عَلى هَذا الوَجْهِ البَيِّنِ، كانَ جَدِيرًا بِالإشارَةِ إلى فَضْلِهِ، فَأشارَ إلَيْهِ بِأداةِ البُعْدِ، تَنْبِيهًا عَلى عُلُوِّ مَقامِهِ وعَظِيمِ شَأْنِهِ فَقالَ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الشَّأْنُ الأعْظَمُ، وهو تَوْحِيدُهُ وإفْرادُهُ عَنْ خَلْقِهِ ﴿الدِّينُ القَيِّمُ﴾ [أيِ -] الَّذِي لا عِوَجَ فِيهِ فَيَأْتِيهِ الخَلَلُ مِن جِهَةِ عِوَجِهِ، الظّاهِرُ أمْرُهُ لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ﴾ أيْ لِما لَهُمُ الِاضْطِرابُ مَعَ الحُظُوظِ ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ لَيْسَ لَهم عِلْمٌ، لِأنَّهم لا يَنْتَفِعُونَ بِعُقُولِهِمْ، فَكَأنَّهم في عِدادِ البَهائِمِ العَجَمِ، فَلِأجْلِ ذَلِكَ هم لا يُفْرِدُونَ اللَّهَ بِالعِبادَةِ.
{"ayah":"مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦۤ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤءࣰ سَمَّیۡتُمُوهَاۤ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَـٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِیَّاهُۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق