الباحث القرآني

فَكَأنَّهُ قِيلَ: إنَّ هَذا لَحَسَنٌ [مِن] حَيْثُ إنَّهُ صَرَفَهم عَنْ قَتْلِهِ، فَهَلِ اسْتَمَرُّوا عَلَيْهِ أوْ قامَ مِنهم قائِمٌ في اسْتِنْزالِهِمْ عَنْهُ بِعاطِفَةِ الرَّحِمِ ووُدِّ القَرابَةِ؟ فَقِيلَ: بَلِ اسْتَمَرُّوا لِأنَّهم ﴿قالُوا﴾ إعْمالًا لِلْحِيلَةِ في الوُصُولِ إلَيْهِ، مُسْتَفْهِمِينَ عَلى وجْهِ التَّعَجُّبِ لِأنَّهُ كانَ أحَسَّ مِنهُمُ الشَّرَّ، فَكانَ يُحَذِّرُهم عَلَيْهِ ﴿يا أبانا ما لَكَ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ لَكَ في حالِ كَوْنِكِ ﴿لا تَأْمَنّا عَلى يُوسُفَ﴾ ”و“ الحالُ ”إنّا لَهُ لَناصِحُونَ“ والنُّصْحُ دَلِيلُ الأمانَةِ وسَبَبُها، ولِهَذا قِرْنا في قَوْلِهِ ﴿ناصِحٌ أمِينٌ﴾ [الأعراف: ٦٨] والأمْنُ: سُكُونُ النَّفْسِ إلى انْتِفاءِ الشَّرِّ، وسَبَبُهُ طُولُ الإمْهالِ في الأمْرِ الَّذِي يَجُوزُ قَطْعُهُ بِالمَكْرُوهِ فَيَقَعُ الِاغْتِرارُ بِذَلِكَ الإمْهالِ مِنَ الجُهّالِ، وضِدَّهُ الخَوْفُ، وهو (p-٢٦)انْزِعاجُ النَّفْسِ لِما يَتَوَقَّعُ مِنَ الضُّرِّ؛ والنُّصْحُ: إخْلاصُ العَمَلِ مِن فَسادٍ يُعَتَمَدُ، وضِدُّهُ الغِشُّ، وأجْمَعَ القُرّاءُ عَلى حَذْفِ حَرَكَةِ الرَّفْعِ في تَأْمَنِ وإدْغامِ نُونِهِ بَعْدَ إسْكانِهِ تَبَعًا لِلِرَّسْمِ، بَعْضُهم إدْغامًا مَحْضًا وبَعْضُهم مَعَ الإشْمامِ، وبَعْضُهم مَعَ الرُّومِ، دَلالَةً عَلى نَفْيِ سُكُونِ قَلْبِهِ عَلَيْهِ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ بِأمْنِهِ عَلَيْهِ مِنهم عَلى أبْلَغَ وجْهٍ مَعَ أنَّهم أهْلٌ لِأنْ يَسْكُنَ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ غايَةَ السُّكُونِ، ولَوْ ظَهَرَتْ ضَمَّةُ الرَّفْعِ عِنْدَ أحَدٍ مِنَ القُرّاءِ فاتَ هَذا الإيماءُ إلى هَذِهِ النُّكْتَةِ البَدِيعَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب