الباحث القرآني

ولَمّا تَمَّ الَّذِي كانَ مِن أمْرِهِمْ عَلى هَذا الوَجْهِ الأحْكَمِ والصِّراطِ الأقْوَمِ مِنَ ابْتِدائِهِ إلى انْتِهائِهِ، قالَ مُشِيرًا إلى أنَّهُ دَلِيلٌ كافٍ في تَصْحِيحِ دَعْوى النُّبُوَّةِ مُخاطِبًا لِمَن لا يَفْهَمُ هَذا الحَقَّ فَهْمَهُ غَيْرُهُ، مُسَلِّيًا لَهُ مُثَّبِتًا لِفُؤادِهِ وشارِحًا لِصَدْرِهِ، مُنَبِّهًا عَلى أنَّهُ مِمّا يَنْبَغِي السُّؤالُ عَنْهُ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ النَّبَأِ العالِي الرُّتْبَةِ الَّذِي قَصَصْناهُ قَصًّا يُعْجِزُ البُلَغاءَ مِن حَمَلَتِهِ ورُواتِهِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ ﴿مِن أنْباءِ الغَيْبِ﴾ أيْ أخْبارِهِ الَّتِي لَها شَأْنٌ عَظِيمٌ ﴿نُوحِيهِ إلَيْكَ﴾ وعَبَّرَ بِصِيغَةِ المُضارِعِ تَصْوِيرًا لِحالِ الإيحاءِ الشَّرِيفِ وإشارَةً إلى أنَّهُ لا يَزالُ مَعَهُ يَكْشِفُ لَهُ ما يُرِيدُ ”و“ الحالُ أنَّكَ ”ما كُنْت لَدَيْهِمْ“ أيْ عِنْدِ إخْوَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في هَذا النَّبَأِ الغَرِيبِ جِدًّا ﴿إذْ﴾ أيْ حِينَ ﴿أجْمَعُوا أمْرَهُمْ﴾ عَلى رَأْيٍ واحِدٍ في إلْقاءِ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ [فِي الجُبِّ] بَعْدَ أنْ كانَ مُقْسِمًا ﴿وهم يَمْكُرُونَ﴾ أيْ يُدَبِّرُونَ الأذى في خُفْيَةٍ، مِنَ المَكْرِ وهو القَتْلُ - لِتَعْرِفَ ذَلِكَ بِالمُشاهَدَةِ، وانْتِفاءِ تَعَلُّمِكَ لِذَلِكَ مِن بَشَرٍ مِثْلِ انْتِفاءِ كَوْنِكَ لَدَيْهِمْ في ذَلِكَ الحِينِ، ومِنَ المُحَقَّقِ لَدى كُلِّ ذِي لُبٍّ أنَّهُ لا عِلْمَ إلّا بِتَعْلِيمٍ، فَثَبَتَ أنَّهُ لا مُعَلِّمَ لَكَ إلّا اللَّهُ كَما عَلِمَ إخْوانُكَ مِنَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، [فَيا لَهُ] مِن دَلِيلٍ جَلَّ عَنْ مَثِيلٍ، وهَذا (p-٢٣٦)[مَنَ] المَذْهَبِ الكَلامِيِّ، وهو إيرادُ حُجَّةٍ تَكُونُ بَعْدَ تَسْلِيمِ المُقَدِّماتِ مُسْتَلْزَمَةً لِلْمَطْلُوبِ، وهو تَهَكُّمٌ عَظِيمٌ مِمَّنْ كَذَبَ النَّبِيَّ ﷺ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب