الباحث القرآني
ولَمّا أوْقَعَ سُبْحانَهُ الإخْبارَ بِهَلاكِهِ عَلى هَذا الوَجْهِ المُؤَكَّدِ لَمّا كانَ لِصاحِبِ القِصَّةِ وغَيْرِهِ مِنَ الكُفّارِ مِنَ التَّكْذِيبِ بِلِسانِ حالِهِ وقالَهُ لِما لَهُ مِنَ المالِ والوَلَدِ، وما هو فِيهِ مِنَ القُوَّةِ بِالعَدَدِ والعُدَدِ، زادَ الأمْرَ تَحَقُّقًا إعْلامًا بِأنَّ الأحْوالَ الدُّنْيَوِيَّةَ لا غِناءَ لَها فَقالَ مُخْبِرًا، أوْ مُسْتَفْهِمًا مُنْكِرًا ﴿ما أغْنى﴾ أيْ أجْزى ونابَ وسَدَّ ﴿عَنْهُ﴾ أيْ عَنْ أبِي لَهَبٍ الشَّقِيِّ الطَّرِيدِ المَبْعُودِ عَنِ الرَّحْمَةِ مَعَ العَذابِ ﴿مالُهُ﴾ أيِ الكَثِيرُ الَّذِي جَرَتِ العادَةُ بِأنَّهُ يُنْجِي مِنَ الهَلاكِ.
ولَمّا كانَ الكَسْبُ أعَمَّ مِنَ المالِ، وكانَ المالُ قَدْ يَكْسِبُ مَنافِعَ هي أعْظَمُ مِنهُ مِنَ الجاهِ وغَيْرِهِ، وكانَ الإنْسانُ قَدْ يَكُونُ فائِزًا ولا مالَ لَهُ بِأُمُورِ أثْلِها بِسَعْيِهِ خارِجَةٌ عَنِ المالِ، قالَ مُفِيدًا لِذَلِكَ مُبَيِّنًا أنَّهُ لا يَنْفَعُ إلّا ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ ﴿وما كَسَبَ﴾ أيْ وإنْ كانَ ذَلِكَ عَلى وجْهٍ هائِلٍ مِنَ الوَلَدِ والأصْحابِ والعِزِّ بِعَشِيرَتِهِ الَّتِي كانَ يُرْضِيها بِاتِّباعِ (p-٣٣٦)النَّبِيِّ ﷺ في المَحافِلِ يُؤْذِيهِ ويُكَذِّبُهُ ويَنْهى النّاسَ عَنْ تَصْدِيقِهِ مَعَ أنَّهُ كانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُنادِيهِ بِالصّادِقِ الأمِينِ، وكانَ ابْنُهُ عُتْبَةُ شَدِيدَ الأذى لِلنَّبِيِّ ﷺ حَتّى قالَ النَّبِيُّ ﷺ «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِن كِلابِكَ» فَكانَ أبُو لَهَبٍ يَعْرِفُ أنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ لا بُدَّ أنْ تُدْرِكَهُ، فَلَمّا حانَ الأمْرُ وكانَ قَدْ آنَ ما أرادَ صاحِبُ العِزِّ الشّامِخِ، سَبَّبَ لَهُ أنَّ سافَرَ إلى الشّامِ فَأوْصى بِهِ أبُوهُ الرِّفاقَ لِيُنْجُوهُ رَغْمَ مِن هَذِهِ الدَّعْوَةِ، فَكانُوا يُحَدِّقُونَ بِهِ إذا نامَ لِيَكُونَ وسَطَهُمْ، والحُمُولُ مُحِيطَةٌ بِهِ وهم مُحِيطُونَ بِها والرُّكّابُ مُحِيطَةٌ بِهِمْ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ بَلْ جاءَ الأسَدُ فَتَشَمَّمَ النّاسَ حَتّى وصَلَ إلَيْهِ فاقْتَلَعَ رَأْسَهُ ولَمْ يَنْفَعْ أباهُ ذَلِكَ، بَلِ اسْتَمَرَّ عَلى ضَلالِهِ لِما سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى حَتّى كانَتْ وقْعَةُ بَدْرٍ فَلَمْ يَخْرُجْ، فِيها فَلَمّا جاءَ الفِلالُ كانَ مِنهُمُ ابْنُ أخِيهِ أبُو سُفْيانَ بْنُ الحارِثِ فَقالَ: هَلُمَّ يا ابْنَ أخِي فَعِنْدَكَ الخَبَرُ: فَقالَ نَعَمْ! فَواللَّهِ ما هو إلّا أنْ لَقِيناهم فَمَنَحْناهم أكْتافَنا يَفْتِلُونَنا كَيْفَ شاءُوا [ويَأْسِرُونَنا كَيْفَ شاءُوا -]، ومَعَ ذَلِكَ واللَّهِ مَلَلْتُ النّاسَ لَقِينا رِجالًا بِيضًا عَلى خَيْلٍ بَلْقٍ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ ما تَلِيقُ شَيْئًا [أيْ -] ما تُبْقِيهِ - (p-٣٣٧)ولا يَقُومُ لَها شَيْءٌ، قالَ أبُو رافِعٍ غُلامُ العَبّاسِ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وكانَ جالِسًا في حُجْرَةٍ في المَسْجِدِ يَبْرِي نَبْلًا، وكانَ الإسْلامُ قَدْ دَخَلَنا أهْلَ البَيْتِ وكُنّا نَكْتُمُ إسْلامَنا، فَما مَلَكَتْ نَفَسِي أنْ قُلْتُ: تِلْكَ واللَّهِ المَلائِكَةُ، قالَ: فَرَفَعَ أبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ وجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً، قالَ: وثاوَرَتْهُ فاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِيَ الأرْضَ ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي وكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، فَقامَتْ أُمُّ الفَضْلِ - يَعْنِي سَيِّدَتُهُ زَوْجَةُ العَبّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها إلى عَمُودِ الحُجْرَةِ - أيِ الخَيْمَةِ - فَضَرَبَتْهُ [بِهِ -] ضَرْبَةً فَلَقَتْ في رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً وقالَتْ: اسْتَضْعَفَتْهُ أيْ عَدُوَّ اللَّهِ إنْ غابَ عَنْهُ سَيِّدُهُ، فَقامَ مُولِيًا ذَلِيلًا فَواللَّهِ ما عاشَ إلّا سَبْعَ لَيالٍ أوْ سِتًّا حَتّى رَماهُ اللَّهُ بِالعَدَسَةِ فَقَتَلَهُ وما نَفَعَهُ إبْعادُهُ عَنِ الخَطَرِ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ بَدْرٍ، والعَدَسَةُ بَثْرَةٌ تُشْبِهُ العَدَسَةَ تَخْرُجُ في مَواضِعَ مِنَ الجَسَدِ مِن جِنْسِ الطّاعُونِ تَقْتُلُ غالِبًا، قالَ القَزّازُ: كانَتْ تُعْدِي في الجاهِلِيَّةِ قَلَّما يَسْلَمُ مِنها أحَدٌ، تَقُولُ: عَدَسَ الرَّجُلُ فَهو مَعْدُوسٌ، كَما تَقُولُ: طَعَنَ فَهو مَطْعُونٌ - إذا أصابَهُ الطّاعُونُ - انْتَهى.
ولِأجْلِ تَشاؤُمِ العَرَبِ بِها تَرَكَ أبُو لَهَبٍ مِن غَيْرِ دَفْنٍ ثَلاثًا (p-٣٣٨)حَتّى أنْتُنَّ، ثُمَّ اسْتَأْجَرُوا بَعْضَ السُّودانِ حَتّى دَفَنُوهُ، ويُقالُ: إنَّهم حَفَرُوا لَهُ حُفْرَةً بَعِيدَةً عَنْهُ مِن شِدَّةِ نَتْنِهِ ثُمَّ دَفَعُوهُ بِخَشَبٍ طُوالٍ حَتّى رَمَوْهُ فِيها ورَجَمُوهُ بِالحِجارَةِ والتُّرابِ مِن بَعِيدٍ حَتّى طَمَوْهُ، فَكانَ ذَلِكَ سُنَّةً في رَجْمِهِ فَهو يُرْجَمُ إلى الآنَ، وذَلِكَ مِن أوَّلِ إعْجازِ هَذِهِ الآياتِ أنْ كانَ سُبَّةً في العَرَبِ [دُونَ أنْ -] يُغْنِي عَنْهُ شَيْءٌ [مِمّا يَظُنُّ أنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ -].
{"ayah":"مَاۤ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











