الباحث القرآني

ولَمّا عَبَّرَ عَنِ المَعْنى بِالمَجِيءِ، عَبَّرَ عَنِ المَرْئِيِّ بِالرُّؤْيَةِ فَقالَ: ﴿ورَأيْتَ﴾ أيْ بِعَيْنَيْكَ ﴿النّاسَ﴾ أيِ العَرَبَ الَّذِينَ كانُوا حَقِيرِينَ عِنْدَ جَمِيعِ الأُمَمِ، فَصارُوا بِكَ هُمُ النّاسُ - كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ لامُ الكَمالِ، وصارَ سائِرُ أهْلِ الأرْضِ لَهم أتْباعًا، وبِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ رَعايا، حالَ كَوْنِهِمْ ﴿يَدْخُلُونَ﴾ شَيْئًا فَشَيْئًا مُتَجَدِّدًا دُخُولُهم مُسْتَمِرًّا ﴿فِي دِينِ اللَّهِ﴾ أيْ شَرَعَ مَن لَمْ تَزَلْ كَلِمَتُهُ هي العُلْيا في حالِ إباءِ الخَلْقِ - بِقَهْرِهِ لَهم عَلى الكُفْرِ الَّذِي لا يَرْضاهُ لِنَفْسِهِ عاقِلٌ - تَرَكَ الحُظُوظَ، وفي حالِ طَواعِيَتِهِمْ بِقَسْرِهِ لَهم عَلى الطّاعَةِ، وعَبَّرَ عَنْهُ بِالدِّينِ الَّذِينَ مَعْناهُ الجَزاءُ لِأنَّ العَرَبَ كانُوا لا يَعْتَقِدُونَ القِيامَةَ الَّتِي لا يَتِمُّ ظُهُورُ الجَزاءِ إلّا بِها ﴿أفْواجًا﴾ أيْ قَبائِلُ قَبائِلَ وزُمَرًا زُمَرًا وجَماعاتٍ كَثِيفَةٍ كالقَبِيلَةِ بِأسْرِها أُمَّةٌ بَعْدَ أُمَّةٍ كَأهْلِ مَكَّةَ والطّائِفِ وهَوازِنَ وهَمْدانَ وسائِرِ القَبائِلِ مِن [غَيْرِ -] قِتالٍ في خِفَّةٍ وسُرْعَةٍ ومُفاجَأةٍ ولِينٍ بَعْدَ دُخُولِهِمْ واحِدًا واحِدًا ونَحْوِ ذَلِكَ لِأنَّهم قالُوا: أمّا إذا ظَفَرَ بِأهْلِ الحَرَمِ وقَدْ كانَ اللَّهُ أجارَهم مِن أصْحابِ الفِيلِ الَّذِينَ لَمْ يَقْدِرْ أحَدٌ عَلى رَدِّهِمْ فَلَيْسَ لَنا بِهِمْ يُدانُ. فَتَبَيَّنَ أنَّ هَذا القِياسَ المُنْتَجَ هَذِهِ النَّتِيجَةَ البَدِيهِيَّةَ بِقِصَّةِ أصْحابِ الفِيلِ ما رَتَّبَهُ اللَّهُ إلّا إرْهاصًا لِنُبُوَّتِهِ وتَأْسِيسًا لِدَعْوَتِهِ فَألْقَوْا بِأيْدِيهِمْ، وأسْلَمُوا قِيادُهم حاضِرَهم وبادِيهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب