الباحث القرآني

ولَمّا رَهَّبَهُمْ، أتْبَعَهُ التَّرْغِيبَ في سِياقٍ مُؤْذِنٍ بِأنَّهم إنْ لَمْ يُبادِرُوا إلى المَتابِ بادَرَهُمُ العَذابُ، بِقَوْلِهِ عاطِفًا لِهَذا الأمْرِ عَلى ذَلِكَ النَّهْيِ المُتَقَدِّمِ: ﴿واسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ أيِ اطْلُبُوا سَتْرَ المُحْسِنِ إلَيْكُمْ، ونَبَّهَ عَلى مِقْدارِ التَّوْبَةِ بِأداةِ التَّراخِي فَقالَ: ﴿ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ﴾ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ مُرَغَّبًا في الإقْبالِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبِّي﴾ أيِ المُخْتَصَّ لِي بِما تَرَوْنَ مِنَ الإحْسانِ دِينًا ودُنْيا ﴿رَحِيمٌ ودُودٌ﴾ أيْ: بَلِيغُ الإكْرامِ لِمَن يَرْجِعُ إلَيْهِ بِأنْ يَحْفَظَهُ عَلى ما يَرْضاهُ، بَلِيغُ التَّحَبُّبِ إلَيْهِ، ولَمْ يَبْدَأْهُ بِالِاسْتِعْطافِ عَلى عادَتِهِ بِقَوْلِهِ: يا قَوْمِ، إشارَةً إلى أنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِي وقْتٌ آمَنُ فِيهِ وُقُوعَ العَذابِ حَتّى أشْتَغِلَ فِيهِ بِالِاسْتِعْطافِ، فَرُبَّما كانَ الأمْرُ أعْجَلَ مِن ذَلِكَ فاطْلُبُوا مَغْفِرَتَهُ بِأنْ تَجْعَلُوها غَرَضَكم ثُمَّ تَوَصَّلُوا إلَيْها بِالتَّوْبَةِ؛ فَ «ثُمَّ» عَلى بابِها في التَّرْتِيبِ، وأمّا التَّراخِي فَبِاعْتِبارِ عِظَمِ مِقْدارِ التَّوْبَةِ وعُلُوِّ رُتْبَتِها (p-٣٦٢)لِأنَّ الغُفْرانَ لا يَحْصُلُ بِالطَّلَبِ إلّا إنِ اقْتَرَنَ بِها، هَذا الشَّأْنُ في كُلِّ كَبِيرَةٍ مِن أنَّها لا تُكَفَّرُ إلّا بِالتَّوْبَةِ، وذَلِكَ لِأنَّ الطّاعَةَ المَفْعُولَةَ بَعْدَها يَكُونُ مِثْلُها كَبِيرَةً في جِنْسِ الطّاعاتِ [كَما أنَّ تِلْكَ كَبِيرَةٌ في جِنْسِ المَعاصِي فَلا تَقْوى الطّاعَةُ عَلى مَحْوِها، وتَكَرُّرُ] الطّاعاتِ يُقابِلُهُ تَكَرُّرُ المَعاصِي بِالإصْرارِ الَّذِي هو بِمَنزِلَةِ تَكْرِيرِ المَعْصِيَةِ في كُلِّ حالٍ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب