الباحث القرآني

ولَمّا شافَهُوها بِذَلِكَ، صَرَّحَتْ بِوَجْهِ العَجَبِ مِن أنَّهُ جامِعٌ بَيْنَ عَجَبَيْنِ في كَوْنِهِ مِنهُ ومِنها بِأنْ ﴿قالَتْ يا ويْلَتى﴾ وهي كَلِمَةٌ تُؤْذِنُ بِأمْرٍ فَظِيعٍ تَخِفُّ عَلى أفْواهِ النِّساءِ ويَسْتَعْمِلْنَها إلى اليَوْمِ، لَكِنَّهُنَّ غَيَّرْنَ في لَفْظِها كَما غُيِّرَ كَثِيرٌ مِنَ الكَلامِ؛ والوَيْلُ: حُلُولُ الشَّرِّ؛ والألِفُ في آخِرِهِ بَدَلَ عَنْ ياءِ الإضافَةِ، كَنّى بِها هُنا عَنِ العَجَبِ الشَّدِيدِ لِما فِيهِ مِنَ الشُّهْرَةِ ومُراجَمَةِ الظُّنُونِ؛ وقالَ الرُّمّانِيُّ: إنَّ (p-٣٣٢)مَعْناها الإيذانُ بِوُرُودِ الأمْرِ الفَظِيعِ كَما تَقُولُ العَرَبُ: يا لَلدَّواهِي! أيْ تَعالَيْنَ فَإنَّهُ مِن أحْيانِكِ فَحُضُورُ ما حَضَرَ مِن أشْكالِكِ. ولَمّا كانَ ما بُشِّرَتْ بِهِ مُنْكَرًا في نَفْسِهِ بِحَسْبِ العادَةِ قالَتْ: ﴿أألِدُ وأنا﴾ أيْ: والحالُ أنِّي ﴿عَجُوزٌ وهَذا﴾ أيْ: مَن هو حاضِرِي ﴿بَعْلِي شَيْخًا﴾ ثُمَّ تَرْجَمَتْ ذَلِكَ بِما هو نَتِيجَتُهُ فَقالَتْ: [مُؤَكِّدَةً لِأنَّهُ - لِما لَهُ مِن خَرْقِ العَوائِدِ - في حَيِّزِ المُنْكَرِ عِنْدَ النّاسِ]: ﴿إنَّ هَذا﴾ أيِ الأمْرَ المُبَشَّرَ بِهِ ﴿لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قِيلَ لَها؟ فَقِيلَ: ﴿قالُوا﴾ أيِ المَلائِكَةُ مُتَعَجِّبِينَ مِن تَعَجُّبِها ﴿أتَعْجَبِينَ مِن أمْرِ اللَّهِ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ، وهو لا يَنْبَغِي لَكِ لِأنَّكِ مُعْتادَةٌ مِنَ اللَّهِ بِما لَيْسَ لِغَيْرِكم مِنَ الخَوارِقِ، والعَجَبُ إنَّما يَكُونُ مِمّا خَرَجَ عَنْ أشْكالِهِ وخَفِيَ سَبَبُهُ، وأنْتِ - لِثَباتِ عِلْمِكِ بِالسَّبَبِ الَّذِي هو قُدْرَةُ اللَّهِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وحُضُورُهُ \ لَدَيْكِ مَعَ اصْطِفاءِ اللَّهِ لَكم وتَكَرُّرِ خَرْقِهِ لِلْعَوائِدِ في شُؤُونِكم - لَسْتِ كَغَيْرِكِ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ ثُمَّ عَلَّلُوا إنْكارَهم لِتَعَجُّبِها بِقَوْلِهِمْ: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ﴾ أيْ: كَرامَةُ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِصِفاتِ الجَلالِ والإكْرامِ ﴿وبَرَكاتُهُ﴾ أيْ: خَيْراتُهُ النّامِيَةُ الثّابِتَةُ ﴿عَلَيْكُمْ﴾ وبَيَّنُوا خُصُوصِيَّتَهم بِإسْقاطِ أداةِ النِّداءِ [مِدْحَةً لَهم فَقالَ]: ﴿أهْلَ البَيْتِ﴾ قَدْ تَمَرَّنْتُمْ عَلى مُشاهَدَةِ العَجائِبِ لِكَثْرَةِ ما تَرَوْنَ مِن آثارِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ (p-٣٣٣)وغَيْرِهِ؛ [ثُمَّ عَلَّلَ إحْسانَهُ إلَيْهِمْ مُؤَكَّدًا تَثْبِيتًا لِأصْلِ الكَلامِ الَّذِي أنْكَرَتْهُ فَقالَ]: ﴿إنَّهُ﴾ أيْ: بِخُصُوصِ هَذا الإحْسانِ ﴿حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ [أيْ] كَثِيرُ التَّعَرُّفِ إلى مَن يَشاءُ مِن جَلائِلِ التَّعَمُّمِ وعَظِيمِ المَقْدُورِ بِما يُعْرَفُ أنَّهُ مُسْتَحِقُّ الحَمْدِ عَلى المَجْدِ، وهو الكَرَمُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الجُودُ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب