الباحث القرآني

ولَمّا كانَ أدْنى دَرَجاتِ الِافْتِراءِ إتْيانُ الإنْسانِ بِكَلامٍ غَيْرِهِ مِن (p-٢٥٠)غَيْرِ عِلْمِهِ، وكانَ عَجْزُهم عَنِ المُعارَضَةِ دَلِيلًا قاطِعًا عَلى أنَّهم لَمْ يَصِلُوا إلى شَيْءٍ مِن كَلامِهِ تَعالى بِغَيْرِ عِلْمِهِ ولا وجَدُوا مُكافِئًا لَهُ يَأْتِيهِمْ بِمِثْلِهِ، ثَبَتَ قَطْعًا أنَّ هَذا القُرْآنَ غَيْرُ مُفْتَرًى، فَقالَ تَعالى مُخاطِبًا لِلْجَمِيعِ [بِخِلافِ ما في القَصَصِ] إشارَةً إلى وُضُوحِ الأمْرِ [لا سِيَّما في الِافْتِراءِ عِنْدَ كُلِّ أحَدٍ] وأنَّ المُشْرِكِينَ قَدْ وصَلُوا مِن ذُلِّ التَّبْكِيتِ بِالتَّحَدِّي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وزُورِهِمْ لِأنْفُسِهِمْ في ذَلِكَ المِضْمارِ كَرَّةً في أثَرِ كَرَّةٍ إلى حَدٍّ مِنَ العَجْزِ لا يَقْدِرُونَ مَعَهُ عَلى النُّطْقِ في ذَلِكَ بِبِنْتِ شَفَةٍ: ﴿فَإلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ أيْ: يَطْلُبُوا إجابَتَكم ويُوجِدُوها ﴿فاعْلَمُوا﴾ أيُّها النّاسُ كافَّةً ﴿أنَّما أُنْـزِلَ﴾ أيْ: [ما] وقَعَ إنْزالُ هَذا القُرْآنِ خاصَّةً [إلّا مُلْتَبِسًا] ﴿بِعِلْمِ اللَّهِ﴾ أيِ المُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا بِمُقْتَضى أنَّ مُحَمَّدًا واحِدٌ مِنهم تَمْنَعُ العادَةُ أنْ يَعْثُرَ دُونَ جَمِيعِ أهْلِ الأرْضِ عَلى ما لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ رَبُّهُ مِن كَلامِهِ فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونَ مُخْتَرِعًا لَهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ضَمِيرُ ”يَسْتَجِيبُوا“ لِ ”مَن“ ”مَنِ اسْتَطَعْتُمْ“ و”لَكم“ لِلْمُشْرِكِينَ، وكَذا في قَوْلِهِ: فاعْلَمُوا و”أنْتُمْ“ ﴿وأنْ﴾ أيْ: واعْلَمُوا أنْ ﴿لا إلَهَ إلا هُوَ﴾ فَإنَّهُ لَوْ كانَ مَعَهُ إلَهٌ آخَرُ لَكافَأهُ في الإتْيانِ بِمِثْلِ كَلامِهِ وفِيهِ تَهْدِيدٌ وإقْناطٌ مِن أنْ يُجِيرَهم مِن بَأْسِ اللَّهِ آلِهَتُهم. ولَمّا كانَ هَذا دَلِيلًا قَطْعِيًّا عَلى ثُبُوتِ القُرْآنِ، سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ (p-٢٥١)مُرَغِّبًا مُرَهِّبًا: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أيْ: مُنْقادُونَ أتَمَّ انْقِيادٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب