الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ نَفْعَ هَذا الحَقِّ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَعِظْهم بِذَلِكَ وذَكِّرْهم بِهِ، فَعَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وقُلْ﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى قَوْلِهِ: ﴿واصْبِرْ﴾ [هود: ١١٥] أيِ اصْبِرْ عَلى ما أمَرْناكَ بِهِ مِن تَبْلِيغِ وحْيِنا وامْتِثالِهِ، وقُلْ ﴿لِلَّذِينَ﴾ أيْ: لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِمْ هَذِهِ المَوْعِظَةُ فَهم ﴿لا يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: لا يَتَجَدَّدُ لَهم إيمانٌ مُنْذِرًا لَهم ﴿اعْمَلُوا﴾ مُتَمَكِّنِينَ ﴿عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ أيْ: طَرِيقَتِكُمُ الَّتِي تَتَمَكَّنُونَ مِنَ العَمَلِ عَلَيْها. ولَمّا كانَ العَمَلُ واجِبًا عَلَيْهِ ﷺ وعَلى كُلِّ مَن تَبِعَهُ فَهم عامِلُونَ لا مَحالَةَ سَواءٌ عَمَلَ الكُفّارِ أوْ لا، قالَ مُؤَكِّدًا لِأجْلِ إنْكارِ الكُفّارِ أنْ يَدُومُوا عَلى العَمَلِ المُخالِفِ لَهم مَعَ ما يَصِلُ إلَيْهِمْ لِأجْلِهِ مِنَ الضُّرِّ، مُعَرِّيًا لَهُ عَنْ فاءِ السَّبَبِ [لِذَلِكَ والِاسْتِئْنافِ]: ﴿إنّا﴾ [أيْ أنا ومَن مَعِي] ﴿عامِلُونَ﴾ [أيْ ثابِتٌ عَمَلُنا لا نَحُولُ عَنْهُ؛ لِأنَّ ما كانَ لِلَّهِ فَهو دائِمٌ بِدَوامِهِ سُبْحانَهُ]، وحَذَفَ النُّونَ (p-٤٠٦)الثّانِيَةَ اكْتِفاءً بِمُطْلَقِ التَّأْكِيدِ لِأنَّهُ كافٍ في الإعْلامِ بِالجَزْمِ في النِّيَّةِ، وفِيهِ تَأدُّبٌ بِالإشارَةِ إلى أنَّ المُسْتَقْبَلَ أمْرٌ لا اطِّلاعَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أنْ لا يُبَلِّغَ في التَّأْكِيدِ فِيهِ غَيْرَهُ، وهَذا بِخِلافِ ما في سُورَةِ فُصِّلَتْ مِمّا هو جارٍ عَلى ألْسِنَةِ الكَفَرَةِ ﴿وانْتَظِرُوا﴾ أيْ: ما أنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ لَهُ مِن قَهْرِنا ﴿إنّا مُنْتَظِرُونَ﴾ أيْ: ما وعَدَنا اللَّهُ في أمْرِكُمْ، فَإنَّ اللَّهَ مُهْلِكُهم ومُنْجِيكَ لِأنَّهُ عالِمٌ بِغَيْبِ حالِكَ وحالِهِمْ وقادِرٌ عَلَيْكُمْ؛ والِانْتِظارُ: طَلَبُ الإدْراكِ لِما يَأْتِي مِنَ الأمْرِ الَّذِي يُقْدَرُ النَّظَرُ إلَيْهِ؛ والتَّوَقُّعُ: طَلَبُ ما يُقَدَّرُ أنَّهُ يَقَعُ، وهُما يَكُونانِ في الخَيْرِ والشَّرِّ ومَعَ العِلْمِ والشَّكِّ، والتَّرَجِّي لا يَكُونُ إلّا مَعَ الخَيْرِ والشَّكِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب