الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ هَذِهِ الأخْبارُ عَلى غايَةٍ مِنَ التَّحْذِيرِ، لا يَعْرِفُهُ إلّا بالِغٌ في العِلْمِ، كانَ مِنَ المَعْلُومِ قَطْعًا أنَّهُ ﷺ لَمْ يَأْتِ بِها إلّا مِن عِنْدِ اللَّهِ لِلْعِلْمِ المُشاهَدِ بِأنَّهُ لَمْ يُعانِ عِلْمًا ولا ألَمَّ بِعالِمٍ يَوْمًا، هَذا [مَعَ] ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِن أنْواعِ البَلاغَةِ وتَضَمَّنَتْهُ مِن أنْحاءِ الفَصاحَةِ وأوْمَأتْ إلَيْهِ \ بِحُسْنِ سِياقاتِها مِن صُرُوفِ الحِكَمِ وإفادَةِ تَفْصِيلِها مِن فُنُونِ المَعارِفِ، فَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّتْ أنْ يُشارَ إلَيْها بِأداةِ البُعْدِ إيماءً إلى بُعْدِ المَرْتَبَةِ وعُلُوِّ الأمْرِ فَقالَ تَعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ النَّبَأُ العَظِيمُ والخَطْبُ الجَسِيمُ ﴿مِن أنْباءِ القُرى﴾ (p-٣٧٢)وأكَّدَ هَذا المَعْنى بِلَفْظِ النَّبَأِ لِأنَّهُ الخَبَرُ فِيهِ عَظِيمُ الشَّأْنِ، ومِنهُ النَّبِيُّ، وأشارَ بِالتَّعْبِيرِ بِالمُضارِعِ في قَوْلِهِ: ﴿نَقُصُّهُ عَلَيْكَ﴾ إلى أنّا كَما قَصَصْناها عَلَيْكَ في هَذا الحالِ لِلْمَقْصِدِ المُتَقَدِّمِ سَنَقُصُّها عَلَيْكَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأغْراضِ في فُنُونِ البَلاغَةِ وتَصارِيفِ الحُكْمِ كَما سَتَرى عِنْدَ قَصِّهِ؛ ثُمَّ أشارَ - بِما أخْبَرَ مِن حَلِّها بِقَوْلِهِ: ﴿مِنها﴾ أيِ القُرى ﴿قائِمٌ وحَصِيدٌ﴾ - إلى أنَّكَ مِثْلَ ما سَمِعْتَ ما قَصَصْنا [عَلَيْكَ] مِن أمْرِها بِأُذُنِكَ ووَعَيْتَهُ بِقَلْبِكَ تُحِسُّها بِعَيْنِكَ بِمُشاهَدَةِ أبْنِيَتِها وآثارِها قائِمَةً ومُسْتَحْصَدَةً، أيْ مُتَهَدِّمَةً لَمْ يَبْقَ مِن بُنْيانِها إلّا بَعْضُ جُدْرانِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب