الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا التَّدْبِيرُ لَهم مِنَ اللَّهِ كافِيًا لِهُمُومِهِمُ الظّاهِرَةِ بِالغِنى والباطِنَةِ بِالأمْنِ، وكانَ شُكْرُ المُنْعِمِ واجِبًا، فَإذا أنْعَمَ بِما يَفْرَغُ المُنْعِمُ عَلَيْهِ لِلشُّكْرِ كانَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ أعْظَمَ، سَبَبٌ عَنِ الإنْعامِ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾ أيْ قُرَيْشٌ عَلى سَبِيلِ الوُجُوبِ شُكْرًا عَلى هَذِهِ النِّعْمَةِ خاصَّةً إنْ لَمْ يَشْكُرُوهُ عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ الَّتِي لا تُحْصى لِأنَّهم يَدَّعُونَ (p-٢٦٦)أنَّهم أشْكَرُ النّاسِ لِلْإحْسانِ وأبْعَدُهم عَنِ الكُفْرانِ ﴿رَبَّ هَذا البَيْتِ﴾ أيِ المُوجِدِ لَهُ والمُحْسِنِ إلى أهْلِهِ بِتَرْبِيَتِهِمْ بِهِ وبِحِفْظِهِ مِن كُلِّ طاغٍ، وتَأْثِيرِهِ لِأجْلِ حُرْمَتِهِ في كُلِّ باغٍ، وبِإذْلالِ الجَبابِرَةِ لَهُ لِيَكْمُلَ إحْسانُهُ إلَيْهِمْ وعَطْفُهُ عَلَيْهِمْ بِإكْمالِ إعْزازِهِ لَهم في الدُّنْيا والآخِرَةِ وجَعَلَ ما دامُوا عابِدِينَ لَهُ مَوْصُولًا بِعِزِّ الآخِرَةِ، فَتَتِمُّ النِّعْمَةُ وتُكْمِلُ الرَّحْمَةَ، والمُرادُ بِهِ الكَعْبَةُ، عَبَّرَ عَنْها بِالإشارَةِ تَعْظِيمًا إشارَةً إلى أنَّ ما تَقَدَّمَ في السُّورَةِ الماضِيَةِ مِنَ المُدافَعَةِ عَنْهم مَعْرُوفٌ أنَّهُ بِسَبَبِهِ لا يَحْتاجُ إلى تَصْرِيحٍ، وأنَّ ذَلِكَ جَعَلَهُ مُتَصَّورًا في كُلِّ ذِهْنٍ حاضِرًا مُشاهَدًا لِكُلِّ مُخاطَبٍ، وفي هَذا التَّلْوِيحِ مِنَ التَّعْظِيمِ ما لَيْسَ لِلتَّصْرِيحِ، ثُمَّ وصَفَ نَفْسَهُ الأقْدَسَ بِما هو ثَمَرَةُ الرِّحْلَتَيْنِ ومَظْهَرٌ لِزِيادَةِ شَرَفِ البَيْتِ فَقالَ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب