الباحث القرآني
ولَمّا عَلَّلَ بِالإيلافِ وكانَ لازِمًا ومُتَعَدِّيًا، تَقُولُ: آلَفْتُ المَكانَ أُولِفُهُ إيلافًا فَأنا مُؤَلَّفٌ وآلَفْتُ فُلانًا هَذا الشَّيْءَ أيْ جَعَلْتَهُ آلِفًا لَهُ، وكانَ الإتْيانُ بِالشَّيْءِ مُحْتَمَلًا لِشَيْئَيْنِ ثُمَّ إبْدالُ أحَدِهِما مِنهُ أضْخَمُ لِشَأْنِهِ وأعْلى لِأمْرِهِ، أبْدَلُ مِنهُ قَوْلُهُ: ﴿إيلافِهِمْ﴾ أيْ إيلافُنا إيّاهم ﴿رِحْلَةَ الشِّتاءِ﴾ الَّتِي يُرَحِّلُونَها في زَمَنِهِ إلى اليَمَنِ لِأنَّها بِلادٌ حارَّةٌ يَنالُونَ بِها مَتاجِرَ الجَنُوبِ ﴿والصَّيْفِ﴾ الَّتِي يُرَحِّلُونَها إلى الشّامِ في زَمَنِهِ لِأنَّها بِلادٌ بارِدَةٌ يَنالُونَ فِيها مَنافِعُ الشَّمالِ، وهم آمَنُونَ مِن سائِرِ العَرَبِ لِأجْلِ عِزِّهِمْ بِالحَرَمِ (p-٢٦٤)المُكَرَّمِ المُعَظَّمِ بِبَيْتِ اللَّهِ والنّاسِ يَتَخَطَّفُونَ مِن حَوْلِهِمْ، فَفَعَلَ اللَّهُ تَعالى بِأصْحابِ الفِيلِ ما فَعَلَ لِيَزْدادَ العَرَبُ لَهم هَيْبَةً وتَعْظِيمًا فَتَزِيدُ في إكْرامِهِمْ لِما رَأتْ مِن إكْرامِ اللَّهِ تَعالى لَهم فَيَكُونُ لَهم غايَةُ التَّمَكُّنِ في رِحْلَتِهِمْ، والرِّحْلَةُ بِالكَسْرِ هَيْئَةُ الرَّحِيلِ، وقُرِئَ بِالضَّمِّ وهي الجِهَةُ الَّتِي يَرْحَلُ إلَيْها، وكانُوا مَعْذُورِينَ لِذَلِكَ لِأنَّ بَلَدَهم لا زَرْعَ بِهِ [ولا ضَرْعَ -]، فَكانُوا إذا ضَرَبُوا في الأرْضِ قالُوا: نَحْنُ سُكّانُ حَرَمِ اللَّهِ ووُلاةُ بَيْتِهِ، فَلا يُعَرَّضُ أحَدٌ بِسُوءٍ، فَلَوْلا الرِّحْلَتانِ لَمْ يَكُنْ لَهم مَقامٌ بِمَكَّةَ، ولَوْلا الأمْنُ بِجِوارِ البَيْتِ لَمْ يَقْدِرُوا عَلى التَّصَرُّفِ، وأوَّلُ مَن سَنَّ لَهُمُ الرِّحْلَةَ هاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنافٍ، وكانَ يُقَسِّمُونَ رِبْحَهم بَيْنَ الغَنِيِّ والفَقِيرِ حَتّى كانَ فَقِيرُهم كَغَنِيِّهِمْ، وفي ذَلِكَ يَقُولُ الشّاعِرُ:
؎قُلْ لِلَّذِي طَلَبَ السَّماحَةَ والنَّدى ∗∗∗ هَلّا مَرَرْتَ بِآلَ عَبْدِ مَنافِ
؎الرّائِشِينَ ولَيْسَ يُوجَدُ رائِشٌ ∗∗∗ ∗∗∗ والقائِلِينَ هَلُمَّ لِلْإضْيافِ
؎والخالِطِينَ فَقِيرِهِمْ بِغَنِيِّهِمْ ∗∗∗ ∗∗∗ حَتّى يَكُونَ فَقِيرُهم كالكافِّ
؎القائِلِينَ بِكُلِّ وعْدٍ صادِقٍ ∗∗∗ ∗∗∗ والرّاحِلِينَ بِرِحْلَةِ الإيلافِ
؎عَمْرُو العُلا هَشَّمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ∗∗∗ ∗∗∗ ورِجالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجافُ
؎(p-٢٦٥)سِفْرَيْنِ سَنَّهُما لَهُ ولِقَوْمِهِ ∗∗∗ ∗∗∗ سِفْرُ الشِّتاءِ ورِحْلَةُ الأصْيافِ
وتَبِعَ هاشِمًا عَلى ذَلِكَ إخْوَتُهُ، فَكانَ هاشِمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشّامِ وعَبْدُ شَمْسٍ إلى الحَبَشَةِ، والمُطَّلِبُ إلى اليَمَنِ، ونَوْفَلُ إلى فارِسٍ، وكانَ تُجّارُ قُرَيْشٍ يَخْتَلِفُونَ إلى هَذِهِ الأمْصارِ بِحِبالٍ هَذِهِ الإخْوَةِ - أيْ عُهُودُهم - الَّتِي أخَذُوها بِالأمانِ لَهم مِن مَلِكِ كُلَّ ناحِيَةٍ [مِن هَذِهِ النَّواحِي -]، وأفْرَدَ الرِّحْلَةَ في مَوْضِعِ التَّثْنِيَةِ لِتَشْمَلِ كُلَّ رِحْلَةٍ - كَما هو شَأْنُ المَصادِرِ وأسْماءُ الأجْناسِ، إشارَةٌ [لَهم -] بِالبِشارَةِ بِأنَّهم يَتَمَكَّنُونَ عَنْ قَرِيبٍ مِنَ الرِّحْلَةِ إلى أيِّ بَلَدٍ أرادُوا لِشُمُولِ الأمْنِ لَهم وبِهِمْ جَمِيعَ الأرْضِ بِما نَشَرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى مِنَ الخَيْرِ في قُلُوبِ عِبادِهِ في سائِرِ الأرْضِ بِواسِطَةِ هَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ الَّذِي هو أشْرَفُهم وأعْظَمُهم وأجَلُّهم وأكْرَمُهم.
{"ayah":"إِۦلَـٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَاۤءِ وَٱلصَّیۡفِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











