الباحث القرآني

ولَمّا لَمْ يَرُدَّهم كَلامُهُ هَذا عَنْ غَيِّهِمْ، سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ مُخْبِرًا بِتَمادِيهِمْ: ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ أيْ: ولَمْ يَزِدْهم شَيْءٌ مِن هَذِهِ البَراهِينِ السّاطِعَةِ والدَّلائِلِ القاطِعَةِ إلّا إدْبارًا، وكانُوا في آخِرِ المُدَّةِ عَلى مِثْلِ ما كانُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّكْذِيبِ ﴿فَنَجَّيْناهُ﴾ أيْ: تَنْجِيَةً عَظِيمَةً بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ الباهِرَةِ بِسَبَبِ امْتِثالِهِ لِأوامِرِنا وصِدْقِ اعْتِمادِهِ عَلَيْنا ﴿ومَن مَعَهُ﴾ أيْ: مِنَ العُقَلاءِ وغَيْرِهِمْ ﴿فِي الفُلْكِ﴾ كَما وعَدْنا أوْلِياءَنا، وجَعَلْنا (p-١٦٦)ذَلِكَ آيَةً لِلْعالَمِينَ ﴿وجَعَلْناهُمْ﴾ أيْ: عَلى ضَعْفِهِمْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿خَلائِفَ﴾ أيْ: في الأرْضِ بَعْدَ مَن أغْرَقْناهُمْ، فَمَن فَعَلَ في الطّاعَةِ فِعْلَهم كانَ جَدِيرًا بِأنْ نُجازِيَهُ بِما جازَيْناهم ﴿وأغْرَقْنا﴾ أيْ: بِما لَنا مِن كَمالِ العِزَّةِ ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾ أيْ: مُسْتَخِفِّينَ مُسْتَهِينِينَ ﴿بِآياتِنا﴾ كَما تَوَعَّدْنا الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ. ولَمّا كانَ هَذا أمْرًا باهِرًا يَتَّعِظُ بِهِ مِن لَهُ بَصِيرَةٌ، سَبَّبَ عَنْهُ أمْرَ أعْلى الخَلْقِ فَهْمًا بِنَظَرِهِ إشارَةً إلى أنَّهُ لا يُعْتَبَرُ بِهِ حَقَّ الِاعْتِبارِ غَيْرُهُ، فَقالَ: ﴿فانْظُرْ﴾ وأشارَ إلى أنَّهُ أهْلٌ لِأنْ يُبْحَثَ عَنْ شَأْنِهِ بِأداةِ الِاسْتِفْهامِ، وزادَ الأمْرَ عَظَمَةً بِذِكْرِ الكَوْنِ فَقالَ: ﴿كَيْفَ كانَ﴾ [أيْ كَوْنًا كانَ كَأنَّهُ جِبِلَّةٌ] ﴿عاقِبَةُ﴾ [أيْ آخِرِ أمْرِ] ﴿المُنْذَرِينَ﴾ [أيِ الغَرِيقِينَ في هَذا الوَصْفِ وهُمُ الَّذِينَ أنْذَرَتْهُمُ الرُّسُلُ، فَلَمْ يَكُونُوا أهْلًا لِلْبِشارَةِ لِأنَّهم لَمْ يُؤْمِنُوا] لِنَعْلَمَ أنَّ مَن نُنْذِرُهم كَذَلِكَ، لا يَنْفَعُ مَن أرَدْنا شَقاوَتَهُ مِنهم إنْزالَ آيَةٍ ولا إيضاحَ حُجَّةٍ؛ والتَّوَكُّلُ: تَعَمُّدُ جَعْلِ الأمْرِ إلى مَن يُدَبِّرُهُ لِلتَّقْدِيرِ في تَدْبِيرِهِ؛ والغُمَّةُ: ضِيقُ الأمْرِ الَّذِي يُوجِبُ الحُزْنَ؛ والتَّوَلِّي: الذَّهابُ عَنِ الشَّيْءِ؛ والأجْرُ: النَّفْعُ المُسْتَحَقُّ بِالعَمَلِ؛ والإسْلامُ: الِاسْتِسْلامُ لِأمْرِ اللَّهِ بِطاعَتِهِ بِأنَّها خَيْرُ ما يَكْتَسِبُهُ العِبادُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب