الباحث القرآني

ولَمّا أشارَ سُبْحانَهُ إلى الِاسْتِدْلالِ عَلى فَناءِ العالَمِ بِتَغَيُّرِهِ وإلى القُدْرَةِ عَلى البَعْثِ بِإيجادِ كُلٍّ مِن المَلَوَيْنِ بَعْدَ إعْدامِهِ في قَوْلِهِ - مُؤَكِّدًا لَهُ لِإنْكارِهِمْ أنْ يَكُونَ في ذَلِكَ دَلالَةٌ: ﴿إنَّ في اخْتِلافِ اللَّيْلِ﴾ أيْ عَلى تَبايُنِ أوْصافِهِ ﴿والنَّهارِ﴾ أيْ كَذَلِكَ ﴿وما﴾ أيْ وفِيما ﴿خَلَقَ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ الكامِلَةُ ﴿فِي السَّماواتِ والأرْضِ﴾ مِن أحْوالِ السَّحابِ والأمْطارِ وما يَحْدُثُ مِن ذَلِكَ الخَسْفُ والزَّلازِلُ والمَعادِنُ والنَّباتُ والحَيَواناتُ وغَيْرُ ذَلِكَ مِن أحْوالِ الكُلِّ الَّتِي لا يُحِيطُ البَشَرُ بِإحْصائِها؛ لَمّا أشارَ إلى ذَلِكَ خَتَمَها بِقَوْلِهِ: ﴿لآياتٍ﴾ أيْ دَلالاتٍ بَيِّنَةً جِدًّا ﴿لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ أيْ أنَّ مَن نَظَرَ في هَذا الِاخْتِلافِ وتَأمَّلَ تَغَيُّرَ الأجْرامِ الكِبارِ كانَ جَدِيرًا بِأنْ يَخافَ مِن أنْ تُغَيَّرَ أحْوالُهُ وتَضْطَرِبَ أُمُورُهُ فَيَتَّقِيَ اللَّهَ لِعِلْمِهِ قَطْعًا بِأنَّ أهْلَ هَذِهِ الدّارِ غَيْرُ مُهْمَلِينَ، (p-٧٧)فَلا بُدَّ لَهم مِن أمْرٍ ونَهْيٍ وثَوابٍ وعِقابٍ؛ والِاخْتِلافُ: ذَهابُ كُلٍّ مِنَ الشَّيْئَيْنِ في غَيْرِ جِهَةِ الآخَرِ. فاخْتِلافُ المَلَوَيْنِ: ذَهابُ هَذا في جِهَةِ الضِّياءِ وذاكَ في جِهَةِ الظَّلامِ؛ واللَّيْلُ: ظَلامٌ مِن غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ الثّانِي، هو جَمْعُ لَيْلَةٍ كَتَمْرٍ وتَمْرَةٍ؛ والنَّهارُ: اتِّساعُ الضِّياءِ مِن طُلُوعِ الفَجْرِ الثّانِي إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ والخَلْقُ: فِعْلُ الشَّيْءِ عَلى ما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ، وأصْلُهُ التَّقْدِيرُ؛ ونَبَّهَ بِما خَلَقَ في السَّماواتِ والأرْضِ عَلى وُجُوهِ الدَّلالاتِ؛ لِأنَّ الدَّلالَةَ في الشَّيْءِ قَدْ تَكُونُ مِن جِهَةِ خَلْقِهِ أوِ اخْتِلافِ صُورَتِهِ أوْ حُسْنِ مَنظَرِهِ أوْ كَثْرَةِ نَفْعِهِ أوْ عِظَمِ أمْرِهِ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب