الباحث القرآني

ولَمّا تَضَمَّنَ قَوْلُهم هَذا اسْتِعْجالَهُ ﷺ بِما يَتَوَعَّدُهم بِهِ، أمَرَهُ بِأنْ يَتَبَرَّأ مِنَ القُدْرَةِ عَلى شَيْءٍ لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ﴾ أيْ: لِقَوْمِكَ المُسْتَهْزِئِينَ ﴿لا أمْلِكُ لِنَفْسِي﴾ فَضْلًا عَنْ غَيْرِي؛ ولَمّا كانَ السِّياقُ لِلنِّقْمَةِ، قَدَّمَ الضُّرَّ مُنَبِّهًا عَلى أنَّ نِعَمَهُ أكْثَرُ مِن نِقَمِهِ؛ (p-١٣٥)وأنَّهم في نِعَمِهِ، عَلَيْهِمْ أنْ يُقَيِّدُوها بِالشُّكْرِ خَوْفًا مِن زَوالِها فَضْلًا عَنْ أنْ يَتَمَنَّوْهُ فَقالَ: ﴿ضَرًّا ولا نَفْعًا﴾ ولَمّا كانَ مِنَ المُشاهَدِ أنَّ كُلَّ حَيَوانٍ يَتَصَرَّفُ في نَفْسِهِ وغَيْرِهِ بِبَعْضِ ذَلِكَ قالَ: ﴿إلا ما شاءَ اللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطُ عِلْمًا وقُدْرَةً أنْ أمْلَكَهُ مِن ذَلِكَ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما لَكَ لا تَدْعُوهُ بِأنْ يَشاءَ ذَلِكَ ويُقْدِرَكَ عَلَيْهِ؟ فَقِيلَ: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أجَلٌ﴾ فَكَأنَّهُ قِيلَ: وماذا يَكُونُ فِيهِ؟ فَقِيلَ: ﴿إذا جاءَ أجَلُهُمْ﴾ هَلَكُوا؛ ولَمّا كانَ قَطْعُ رَجائِهِمْ مِنَ الفُسْحَةِ في الأجَلِ مِن أشَدِّ عَذابِهِمْ، قَدَّمَ قَوْلَهُ: ﴿فَلا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ أيْ: عَنْهُ ﴿ساعَةً﴾ ثُمَّ عَطَفَ عَلى الجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ بِكَمالِها ﴿ولا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ؛ فَإنَّ الوَفاءَ بِالوَعْدِ لا بُدَّ مِنهُ. والسِّينُ فِيهِما بِمَعْنى الوِجْدانِ، أيْ: لا يُوجَدُ لَهُمُ المَعْنى الَّذِي صِيغَ [مِنهُ] الفِعْلُ مِثْلَ: اسْتَشْكَلَ الشَّيْءَ واسْتَثْقَلَهُ، [ويَجُوزُ كَوْنُ المَعْنى: لا يُوجِدُونَ التَّأخُّرَ ولا التَّقَدُّمَ وإنِ اجْتَهَدُوا في الطَّلَبِ]، فَيَكُونُ في السِّينِ مَعْنى الطَّلَبِ] والمِلْكُ قُوَّةٌ يُتَمَكَّنُ بِها مِن تَصْرِيفِ الشَّيْءِ أتَمَّ تَصْرِيفٍ، والنَّفْعُ: إيجابُ اللَّذَّةِ بِفِعْلِها والتَّسَبُّبِ المُؤَدِّي إلَيْها؛ والضُّرُّ: إيجابُ الألَمِ بِفِعْلِهِ أوِ التَّسَبُّبِ إلَيْهِ؛ والأجَلُ: الوَقْتُ المَضْرُوبُ لِوُقُوعِ أمْرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب