الباحث القرآني
فَلَمّا اعْتَرَفُوا بِهِ كُلِّهِ أعادَ السُّؤالَ عَنْ بَدْءِ الخَلْقِ لِيَقْرِنَ بِهِ الإعادَةَ] تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُما بِالنِّسْبَةِ إلى قُدْرَتِهِ عَلى حَدٍّ سَواءٍ، فَلَمّا فَرَغَ مِمّا يَتَعَلَّقُ بِأحْوالِ (p-١١٧)الجَسَدِ أمَرَهُ أنْ يَسْألَهم عَنْ غايَةِ ذَلِكَ والمَقْصُودِ مِنهُ مِن أحْوالِ الرُّوحِ في الهِدايَةِ الَّتِي في سَبَبِ السَّعادَةِ إمْعانًا في الِاسْتِدْلالِ بِالمَصْنُوعِ عَلى الصّانِعِ عَلى وجْهٍ مُشِيرٍ إلى التَّفْضِيلِ فَقالَ: ﴿قُلْ﴾ [أيْ] يا أفْهَمَ العِبادِ وأعْرَفَهم بِالمَعْبُودِ ﴿هَلْ مِن شُرَكائِكُمْ﴾ أيِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم شُرَكاءُ لِلَّهِ، فَلَمْ تَكُنْ شَرِكَتُهم إلّا لَكم لِأنَّكم جَعَلْتُمْ لَهم حَظًّا مِن أمْوالِكم وأوْلادِكم ﴿مَن يَهْدِي﴾ أيْ: بِالبَيانِ أوِ التَّوْفِيقِ ولَوْ بَعْدَ حِينٍ ﴿إلى الحَقِّ﴾ [فَضْلًا عَنْ أنْ يَهْدِيَ لِلْحَقِّ عَلى أقْرَبِ ما يَكُونُ مِنَ الوُجُودِ إعْلامًا].
ولَمّا كانُوا جاهِلِينَ بِالجَوابِ الحَقِّ في ذَلِكَ أوْ مُعانِدِينَ، أمَرَهُ أنْ يُجِيبَهم مُعْرِضًا عَنِ انْتِظارِ جَوابِهِمْ آتِيًا بِجُزْئَيْ الِاسْتِفْهامِ أيْضًا فَقالَ: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ الكامِلَةُ ﴿يَهْدِي﴾ ولَمّا كانَ قادِرًا عَلى غايَةِ الإسْراعِ، عَبَّرَ بِاللّامِ فَقالَ: ﴿لِلْحَقِّ﴾ [إنْ أرادَ، ويَهْدِي إلى الحَقِّ مَن يَشاءُ]، لا أحَدَ مِمَّنْ زَعَمُوهم شُرَكاءَ، فالِاشْتِغالُ بِشَيْءٍ مِنها بِعِبادَةٍ أوْ غَيْرِهِا جَهْلٌ مَحْضٌ واخْتِلالٌ في المِزاجِ كَبِيرٌ، [فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ؛ ذَكَرَ ﴿إلى الحَقِّ﴾ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِهِ ثانِيًا، و﴿لِلْحَقِّ﴾ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِهِ أوَّلًا]، فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ إنْكارُ أتْباعِهِمْ لَهم فَقالَ: ﴿أفَمَن يَهْدِي﴾ أيْ: مُنْتَهِيًا في هُداهُ ولَوْ عَلى بُعْدٍ ﴿إلى الحَقِّ﴾ أيِ الكامِلِ الَّذِي لا زَيْغَ فِيهِ بِوَجْهٍ [ولَوْ عَلى أبْعَدِ الوُجُوهِ] (p-١١٨)﴿أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ﴾ أيْ: بِغايَةِ الجُهْدِ ﴿أمَّنْ لا يَهِدِّي﴾ أيْ: يَهْتَدِي فَضْلًا عَنْ أنْ يَهْدِيَ غَيْرَهُ إلى شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ أصْلًا ورَأْسًا؛ وإدْغامُ تاءِ الِافْتِعالِ لِلْإيماءِ إلى انْتِفاءِ جَمِيعِ أسْبابِ الهِدايَةِ حَتّى أدانِيها، فَإنَّ التّاءَ عِنْدَ أرْبابِ القُلُوبِ مَعْناها انْتِهاءُ التَّسَبُّبِ إلى أدْناهُ ﴿إلا أنْ يُهْدى﴾ أيْ: يَهْدِيَهُ هادٍ غَيْرُهُ كائِنًا مَن كانَ، وهَذا يَعُمُّ كُلَّ ما عُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ مَن يَعْقِلُ ومِمَّنْ لا يَعْقِلُ؛ فَلَمّا أتَمَّ ذَلِكَ عَلى هَذا النَّهْجِ القَوِيمِ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: أتُجِيبُونَ أمْ تَسْكُتُونَ؟ وإذا أجَبْتُمْ أتُؤْثِرُونَ الحَقَّ فَتَرْجِعُوا عَنِ الضَّلالِ أمْ تُعانِدُونَ، تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ سُؤالُهم عَلى وجْهِ التَّوْبِيخِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَما﴾ أيْ أيُّ شَيْءٍ ثَبَتَ ﴿لَكُمْ﴾ في فِعْلِ غَيْرِ الحَقِّ مِن كَلامٍ أوْ سُكُوتٍ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ تَبْكِيتًا آخَرَ فَقالَ: ﴿كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ فِيما سَألْناكم عَنْهُ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يَخْفى عَلى عاقِلٍ، أبِالباطِلِ أمْ بِالحَقِّ؟ فَقَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ؛ والبَدْءُ: العَقْلُ الأوَّلُ؛ والإعادَةُ: إيجادُ الشَّيْءِ ثانِيًا؛ والهِدايَةُ: التَّعْرِيفُ بِطَرِيقِ الرُّشْدِ مِنَ الغَيِّ.
{"ayah":"قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَاۤىِٕكُم مَّن یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ یَهۡدِی لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن یُتَّبَعَ أَمَّن لَّا یَهِدِّیۤ إِلَّاۤ أَن یُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











