الباحث القرآني

ولَمّا عُلِمَ أنَّهم مُعْتَرِفُونَ بِأمْرِ الهِدايَةِ وما يَتْبَعُها مِنَ الرِّزْقِ والتَّدْبِيرِ أعادَ سُبْحانَهُ السُّؤالَ عَنْها مَقْرُونَةً بِالإعادَةِ تَنْبِيهًا لَهم عَلى ما يَتَعارَفُونَهُ مِن أنَّ الإعادَةَ أهْوَنُ، فَإنْكارُها مَعَ ذَلِكَ إمّا جُمُودٌ أوْ عِنادٌ، وإنْكارُ المُسَلَّماتِ كُلِّها هَكَذا، وسَوْقُهُ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِفْهامِ [أبْلَغُ وأوْقَعُ في القَلْبِ] فَقالَ: ﴿قُلْ﴾ [أيْ] عَلى سَبِيلِ الإنْكارِ عَلَيْهِمْ (p-١١٦)والتَّوْبِيخِ لَهم ﴿هَلْ مِن شُرَكائِكُمْ﴾ [أيْ] الَّذِينَ زَعَمْتُمُوهم شُرَكاءَ لِي وأشْرَكْتُمُوهم في أمْوالِكم مِن أنْعامِكم وزُرُوعِكم ﴿مَن يَبْدَأُ الخَلْقَ﴾ كَما بَدَأْتُهُ لِيَصِحَّ لَهم ما ادَّعَيْتُمْ مِنَ الشَّرِكَةِ ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ ولَمّا كانَ الجَوابُ قَطْعًا مِن غَيْرِ تَوَقُّفٍ: لَيْسَ فِيهِمْ مَن يَفْعَلُ شَيْئًا مِن ذَلِكَ، وكانَ لِجاجُهم في إنْكارِ الإعادَةِ وعِنادِهِمْ لا يَدْعُهُمُ أنْ يُجِيبُوا بِالحَقِّ، أمَرَهُ بِجَوابِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ﴿يَبْدَأُ الخَلْقَ﴾ أيْ: مَهْما أرادَ ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ وأتى هُنا بِجُزْئَيْ الِاسْتِفْهامِ وكَذا ما يَأْتِي في السُّؤالِ عَنِ الهِدايَةِ تَأْكِيدًا لِلْأمْرِ بِخِلافِ ما اعْتَرَفُوا بِهِ، فَإنَّهُ اكْتَفى فِيهِ بِأحَدِ الجُزْأيْنِ في قَوْلِهِ: ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ [يونس: ٣١] ولَمْ يَقُلْ: يَرْزُقُنا - إلى آخِرِهِ؛ ثُمَّ زادَ في تَبْكِيتِهِمْ عَلى عَدَمِ الإذْعانِ لِذَلِكَ بِالتَّعْجِيبِ مِنهم في قَوْلِهِ: ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ أيْ: كَيْفَ ومِن أيِّ جِهَةٍ تُصْرَفُونَ بِأقْبَحِ الكَذِبِ عَنْ وجْهِ الصَّوابِ مِن صارِفٍ ما، وقَدِ اسْتَنارَتْ جَمِيعُ الجِهاتِ، ورَتَّبَ هَذِهِ الجُمَلَ أحْسَنَ تَرْتِيبٍ، وذَلِكَ أنَّهُ سَألَهم أوَّلًا عَنْ سَبَبِ دَوامِ حَياتِهِمْ وكَمالِها بِالرِّزْقِ والسَّمْعِ والبَصَرِ وعَنْ بَدْءِ الخَلْقِ في إخْراجِ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ وما بَعْدَهُ، وكُلُّ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلى النَّظَرِ في أحْوالِ أنْفُسِهِمْ مُرَتَّبًا عَلى الأوْضَحِ [فالأوْضَحِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب