الباحث القرآني

ولَمّا قَدَّمَ سُبْحانَهُ أنَّ شُرَكاءَهم مَرْبُوبُونَ مَقْهُورُونَ، لا قُدْرَةَ لَهم إلّا عَلى ما يُقْدِرُهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وأنَّهُ وحْدَهُ المَوْلى الحَقُّ، وبانَتْ بِذَلِكَ فَضائِحُهُمْ، أتْبَعَهُ ذِكْرَ الدَّلائِلِ عَلى فَسادِ مَذْهَبِهِمْ، فَوَبَّخَهم بِأنَّ وجْهَ السُّؤالِ إلَيْهِمْ عَمّا هم مُعْتَرِفُونَ بِأنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ ويَدُلُّ قَطْعًا عَلى تَفَرُّدِهِ بِجَمِيعِ الأمْرِ المُوجِبِ مِن غَيْرِ وقْفَةٍ لِاعْتِقادِ تَفَرُّدِهِ بِالإلَهِيَّةِ فَقالَ: ﴿قُلْ﴾ [أيْ يا أكْرَمَ خَلْقِنا وأرْفَقَهم بِالعِبادِ] ﴿مَن يَرْزُقُكُمْ﴾ [أيْ يَجْلِبُ لَكُمُ الخَيْراتِ] أيُّها المُنْكِرُونَ لِلْبَعْثِ المُدَّعُونَ لِلشَّرِكَةِ ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ [أيْ] بِالمَطَرِ وغَيْرِهِ مِنَ المَنافِعِ ﴿والأرْضِ﴾ بِالنَّباتِ وغَيْرِهِ لِتَعِيشُوا ﴿أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ﴾ [أيْ] الَّذِي تَسْمَعُونَ بِهِ الآياتِ، ووَحَّدَهُ لِلتَّساوِي فِيهِ في الغالِبِ (p-١١٣)﴿والأبْصارَ﴾ الَّتِي تُبْصِرُونَ بِها ما أنْعَمَ عَلَيْكم بِهِ في خَلْقِها ثُمَّ حَفِظَها في المُدَدِ الطِّوالِ عَلى كَثْرَةِ الآفاتِ فَيَفِيضُها عَلَيْكم لِتَكْمُلَ حَياتُكُمُ الحِسِّيَّةُ بِبَقاءِ الرُّوحِ، والمَعْنَوِيَّةُ بِوُجُودِ العِلْمِ؛ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: سُبْحانَ مَن بَصَّرَ بِشَحْمٍ، وأسْمَعَ بِعَظْمٍ، وأنْطَقَ بِلَحْمٍ. فَلَمّا سَألَهم عَنْ أوْضَحِ ما هم فِيهِ وأقْرَبِهِ، نَبَّهَهم عَلى ما قَبْلَهُ مِن بَدْءِ الخَلْقِ فَقالَ: ﴿ومَن يُخْرِجُ الحَيَّ﴾ مِنَ الحَيَوانِ والنَّباتِ ﴿مِنَ المَيِّتِ﴾ أيْ: مِنَ النُّطْفَةِ ونَحْوِها ﴿ويُخْرِجُ المَيِّتَ﴾ أيْ: [مِنَ] النُّطْفَةِ ونَحْوِها مِمّا لا يَنْمُو ﴿مِنَ الحَيِّ﴾ [أيْ فَيُنْقَلُ مِنَ النَّقْصِ إلى الكَمالِ]؛ ثُمَّ عَمَّ فَقالَ: ﴿ومَن يُدَبِّرُ الأمْرَ﴾ أيْ: كُلَّهُ التَّدْبِيرَ العامَّ. ولَمّا كانُوا مُقِرِّينَ بِالرِّزْقِ وما مَعَهُ مِنَ الخَلْقِ والتَّدْبِيرِ أخْبَرَ عَنْ جَوابِهِمْ إذا سُئِلُوا عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ أيْ: مُسَمّى هَذا الِاسْمِ الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ بِالحَياةِ والقَيُّومِيَّةِ بِخِلافِ ما سَيَأْتِي مِنَ الإعادَةِ والهِدايَةِ ﴿فَقُلْ﴾ أيْ: فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنّا نَقُولُ لَكَ: قُلْ لَهم مُسَبَّبًا عَنْ جَوابِهِمْ هَذا الإنْكارَ عَلَيْهِمْ في عَدَمِ التَّقْوى: ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾ أيْ: تَجْعَلُونَ وِقايَةً بَيْنَكم وبَيْنَ عِقابِهِ عَلى اعْتِرافِكم بِتَوَحُّدِهِ في رُبُوبِيَّتِهِ وإشْراكِكم غَيْرَهُ في إلَهِيَّتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب