الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ عَنْ حالِ المُشْرِكِينَ، تَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إلى الِاطِّلاعِ عَلى حالِ غَيْرِهِمْ فَقالَ مُسْتَأْنِفًا مُخْبِرًا عَنْ كِلا الفَرِيقَيْنِ: ﴿هُنالِكَ﴾ أيْ: في ذَلِكَ المَوْقِفِ مِنَ المَكانِ والزَّمانِ العَظِيمِ الأهْوالِ المُتَوالِي الزِّلْزالِ ﴿تَبْلُو﴾ أيْ: تُخْبِرُ وتُخالِطُ مُخالَطَةً مُمِيلَةً مُحِيلَةً ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ طائِعَةً وعاصِيَةً ﴿ما أسْلَفَتْ﴾ أيْ: قَدَّمَتْ مِنَ العَمَلِ فَيَعْرِفُ هَلْ كانَ خَيْرًا أوْ شَرًّا وهَلْ [كانَ] يُؤَدِّي إلى سَعادَةٍ أوْ شَقاوَةٍ. ولَمّا كانَ مُطْلَقُ الرَّدِّ - وهو صَرْفُ الشَّيْءِ إلى المَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأ مِنهُ - كافِيًا في الرَّهْبَةِ لِمَن لَهُ لُبٌّ، بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: ﴿ورُدُّوا﴾ أيْ: بِالبَعْثِ بِالإحْياءِ كَما كانُوا أوَّلًا ﴿إلى اللَّهِ﴾ أيِ المَلِكِ الأعْظَمِ ﴿مَوْلاهُمُ الحَقِّ﴾ فَلَمْ يَكُنْ لَهم قُدْرَةٌ عَلى قَصْدِ غَيْرِهِ ولا الِالتِفاتِ إلى سِواهُ مِن تِلْكَ الأباطِيلِ، بَلِ انْقَطَعَ رَجاؤُهم مَن كُلِّ ما كانُوا يَدْعُونَهُ (p-١١٢)فِي الدُّنْيا، وهو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿وضَلَّ عَنْهُمْ﴾ أيْ: بَطَلَ وذَهَبَ وضاعَ ﴿ما كانُوا﴾ أيْ: كَوْنًا هو جِبِلَّةٌ لَهم ﴿يَفْتَرُونَ﴾ أيْ: يَتَعَمَّدُونَ كَذِبَهُ مِن أنَّ مَعْبُوداتِهِمْ شُرَكاءُ، وتَيَقَّنُوا في ذَلِكَ المَقامِ أنَّ تَوَلِّيَهم لِغَيْرِ اللَّهِ كانَ باطِلًا غَيْرَ حَقٍّ؛ والتَّزْيِيلُ: تَفْرِيقٌ يَزُولُ بِهِ كُلُّ واحِدٍ عَنْ مَكانِهِ، وهو مِن تَفْرِيقِ الجُثَثِ، ولَيْسَ مِنَ الواوِيِّ، بَلْ مِنَ اليائِيِّ، يُقالُ: زِلْتُهُ عَنِ الشَّيْءِ أُزِيلُهُ - إذا فَرَّقْتَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ؛ والكِفايَةُ: بُلُوغُ مِقْدارِ الحاجَةِ في دَفْعِ الأذِيَّةِ أوْ حُصُولِ المَنفَعَةِ؛ والإسْلافُ: تَقْدِيمُ أمْرٍ لِما بَعْدَهُ؛ والرَّدُّ: الذَّهابُ إلى الشَّيْءِ بَعْدَ الذَّهابِ عَنْهُ كالرَّجْعِ؛ والمَوْلى: مَن يَمْلِكُ تَوَلِّيَ أمْرِ مَوْلاهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب