الباحث القرآني
ولَمّا تَقَدَّمَ أنَّ مَن قُضِيَ بِشَقاوَتِهِ لا يَتَأتّى إيمانُهُ بِآيَةٍ مِنَ الآياتِ حَتّى تَنْزِلَ [بِهِ] سَطْوَتُهُ وتُذِيقُهُ بَأْسَهُ ونِقْمَتَهُ. وكانَ القُرْآنُ أعْظَمَ آيَةٍ أُنْزِلَتْ إلى النّاسِ لِما لا يَخْفى. أتْبَعَ ذَلِكَ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: ﴿قالَ الكافِرُونَ إنَّ هَذا لَساحِرٌ مُبِينٌ﴾ [يونس: ٢] بِقَوْلِهِ بَيانًا لِذَلِكَ: ﴿وإذا تُتْلى﴾ بَناهُ لِلْمَفْعُولِ إيذانًا بِتَكْذِيبِهِمْ عِنْدَ تِلاوَةِ أيِّ تالٍ كانَ. وأبْداهُ مُضارِعًا (p-٨٧)إشارَةً إلى أنَّهم يَقُولُونَ ذَلِكَ ولَوْ تَكَرَّرَتِ التِّلاوَةُ ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أيْ عَلى هَؤُلاءِ النّاسِ ﴿آياتُنا﴾ أيْ عَلى ما لَها مِنَ العَظَمَةِ بِإسْنادِها إلَيْنا ﴿بَيِّناتٍ﴾ فَإنَّهُ مَعَ ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِمّا لَزِمَهم بِهِ الإقْرارُ بِحَقِيقَتِهِ قالُوا فِيهِ ما لا مَعْنى لَهُ إلّا التَّلاعُبُ والعِنادُ، ويَجُوزُ عَطْفُهُ عَلى ﴿ثُمَّ جَعَلْناكم خَلائِفَ﴾ [يونس: ١٤] - الآيَةَ - والِالتِفاتُ إلى مَقامِ الغَيْبَةِ لِلْإيذانِ بِأنَّهم لِلْإعْراضِ لِإساءَتِهِمُ الخِلافَةَ، والمَوْصُولُ بِصِلَتِهِ في قَوْلِهِ: ﴿قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا﴾ في مَوْضِعِ الضَّمِيرِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ هَذا الوَصْفَ عِلَّةُ قَوْلِهِمْ، ولَعَلَّهُ عَبَّرَ بِالرَّجاءِ تَرْغِيبًا لَهم لِأنَّ الرَّجاءَ مَحَطُّ أمْرِهِمْ في طَلَبِ تَعْجِيلِهِ لِلْخَيْرِ ودَفْعِهِ لِلضَّمِيرِ. فَكانَ مِن حَقِّهِمْ أنْ يَرْجُوا لِقاءَهُ تَعالى رَغْبَةً في مِثْلِ ما أعَدَّهُ لِمَن أجابَهُ، ولَوَّحَ إلى الخَوْفِ بِنُونِ العَظَمَةِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أدْعى لَهم إلى الإقْبالِ ﴿ائْتِ﴾ أيْ مِن عِنْدِكَ ﴿بِقُرْآنٍ﴾ أيْ كَلامٍ مَجْمُوعٍ جامِعٍ لِما تُرِيدُ ﴿غَيْرِ هَذا﴾ في نَظْمِهِ ومَعْناهُ ﴿أوْ بَدِّلْهُ﴾ أيْ بِألْفاظٍ أُخْرى والمَعانِي باقِيَةٌ، وقَدْ كانُوا عالِمِينَ بِأنَّهُ ﷺ مِثْلُهم في العَجْزِ عَنْ ذَلِكَ ولَكِنَّهم قَصَدُوا أنَّهُ يَأْخُذُ في التَّعْبِيرِ حِرْصًا عَلى إجابَةِ مَطْلُوبِهِمْ فَيَبْطُلَ مُدَّعاهُ أوْ يَهْلَكَ.
ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا أقُولُ لَهُمْ؟ قالَ: ﴿قُلْ ما يَكُونُ﴾ أيْ: يَصِحُّ ويُتَصَوَّرُ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ ﴿لِي﴾ ولَمّا كانَ التَّبْدِيلُ يَعُمُّ القِسْمَيْنِ الماضِيَيْنِ قالَ: ﴿أنْ أُبَدِّلَهُ﴾ وقالَ: ﴿مِن تِلْقاءِ﴾ أيْ عِنْدَ وقِبَلَ (p-٨٨)﴿نَفْسِي﴾ إشارَةً إلى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ في إنْكارِ تَبْدِيلِ الَّذِي أنْزَلَهُ بِالنَّسْخِ بِحَسْبِ المَصالِحِ كَما أنْزَلَ أصْلَهُ لِمَصْلَحَةِ العِبادِ مَعَ نَسْخِ الشَّرائِعِ الماضِيَةِ بِهِ، فَأنْتَجَ ذَلِكَ قَطْعًا قَوْلَهُ: ﴿إنْ أتَّبِعُ﴾ أيْ بِغايَةِ جُهْدِي ﴿إلا ما﴾ ولَمّا كانَ قَدْ عُلِمَ أنَّ المُوحِيَ إلَيْهِ اللَّهُ قالَ: ﴿يُوحى إلَيَّ﴾ [أيْ] سَواءٌ كانَ بَدَلًا أوْ أصْلًا؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُؤَكَّدًا لِإنْكارِهِمْ مَضْمُونَهُ: ﴿إنِّي أخافُ﴾ أيْ عَلى سَبِيلِ التَّجَدُّدِ والِاسْتِمْرارِ ﴿إنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ أيِ المُحْسِنَ إلَيَّ والمُوجِدَ لِي والمُرَبِّيَ والمُدَبِّرَ بِفِعْلِ غَيْرِ ما شَرَعَ لِي ﴿عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ فَإنِّي مُؤْمِنٌ بِهِ غَيْرُ مُكَذِّبٍ ولا شاكٍّ كَغَيْرِي مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ مِنَ الهَذَيانِ بِما لا يَخافُ عاقِبَتَهُ في ذَلِكَ اليَوْمِ، وإذا خِفْتُهُ - مَعَ اسْتِحْضارِ صِفَةِ الإحْسانِ - هَذا الخَوْفَ فَكَيْفَ يَكُونُ خَوْفِي مَعَ اسْتِحْضارِ صِفَةِ الجَلالِ.
{"ayah":"وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَاتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَیۡرِ هَـٰذَاۤ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَاۤىِٕ نَفۡسِیۤۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّۖ إِنِّیۤ أَخَافُ إِنۡ عَصَیۡتُ رَبِّی عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











