وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ﴾.
أنشَأَ: خَلَق وابتدع. والجنَّاتُ: البساتينُ.
وقيل: المعروشاتُ الكروم.
﴿وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ﴾ أي ثمَرهُ؛ لأنه مما يؤكل.
﴿وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾.
قيل: مشتبهٌ في المنظر، ومختلفٌ في المطعم، فيه حلوٌ، وحامضٌ.
وقيل: يشبه بعضه بعضاً في الطعم، ومنه ما لا يشبه بعضه بعضاً في الطعم.
* ثم قال جلّ وعزّ: ﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ، وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ﴾.
في هذه الآية ثلاثة أقوال:
فمذهب ابن عمر، وأبي الدرداء، وسعيد بن جبير، وأبي العالية، ومجاهد، وعطاء: أنَّ عليه أَنْ يصَّدَّق منه سوى الزكاة المفروضة.
والقول الثاني: أنَّ الآية منسوخة.
قال إبراهيم النَّخعيُّ: نسخها العُشْرُ، ونِصْفُ العُشْرِ.
وروى عن الحسن قولان:
رَوَى سفيان، عن يونس، عن الحسن، قال: نسختها الزكاة المفروضة.
والقولُ الآخر ـ وهو القول الثالث في الآية ـ رواه شعبة عن أبي الرَّجاء قال: سألتُ الحسن عن قوله جلّ وعزّ: ﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ فقال: الزكاةُ المفروضةُ.
وكذلك قال ابن عبّاس، وأنس بن مالك، وابن الحنفية، وجابر بن زيدٍ، وسعيد ابن المُسَيّب وطاووس وقتادة والضحَّاك.
ورواه ابن وهب عن مالك قال: هي الصدقة المفروضة.
والقول الأول أولاها؛ لأنه يبعد أنْ يعني به الزكاة المفروة؛ لأنّ الأنعام مكِّيَّة،ٌ والزكاةُ إنَّما فُرِضت بعد مقدم النَّبيّ ﷺ إلى المدينة.
ويقوِّي القولَ الأول حديثُ النَّبيّ ـ ﷺ ـ أنَّه نهى عن جذاذ الليل.
قال سفيان: كي يحضر المساكين.
قال سعيد بن المُسَيّب: ومعنى ﴿وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ﴾ ولا تمتنعوا من الصدقة فتهلكوا.
وقال غيره: معنى ﴿وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ﴾ لا تدفعوا كلَّ ما لِكم إلى الغرباء، وتتركوا عيالكم، كما رُوِيَ "إبدأ بمن تعول".
السَّرَفُ في اللغة: المجاوزةُ إلى ما لا يحلُّ، وهو اسم ذمٍّ، أي لا تُنفقوا في الوجوه المحرَّمة، حتى لا يجد السائل شيئاً.
وقيل: معنى ﴿وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ﴾ لا تُنفقوا أموالكم فيما لا يحلُّ؛ لأنَّه قد أخبر عنهم أنهم قالوا: ﴿وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾.
{"ayah":"۞ وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَنشَأَ جَنَّـٰتࣲ مَّعۡرُوشَـٰتࣲ وَغَیۡرَ مَعۡرُوشَـٰتࣲ وَٱلنَّخۡلَ وَٱلزَّرۡعَ مُخۡتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّیۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَـٰبِهࣰا وَغَیۡرَ مُتَشَـٰبِهࣲۚ كُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦۤ إِذَاۤ أَثۡمَرَ وَءَاتُوا۟ حَقَّهُۥ یَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ"}